من نائبتين برلمانيتين في مجلس النواب سنة 1993 إلى 30 مقعدا إلزاميا للمرأة عن طريق اللائحة الوطنية، هكذا تطورت المشاركة السياسية للمرأة بالمغرب. لكن وإن كان المغرب من بين البلدان العربية والإفريقية الأوائل التي اقتحمت فيها المرأة المشهد السياسي، فإن الواقع الحالي يكشف أن المغرب قد فقد الريادة في المنطقة، إذ أصبحت نسب المشاركة السياسية للمرأة ببلدان مجاورة تفوق الأرقام المسجلة بالمغرب.
ريادة تاريخية.. ولكن
تعد المرأة المغربية من بين النساء العربيات الأوئل اللواتي اقتحمن المشهد السياسي، إذ ساهمت المراة المغربية اسوة بالرجل في معركة التحرير والاستقلال. ويكفي استحضار اسم”مليكة الفاسي”، التي كانت ضمن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، لمعرفة الدور السياسي الكبير الذي لعبته المرأة المغربية تاريخيا.
لكن ولأسباب سوسيو اجتماعية لم تتمكن الحركة النسائية من الولوج الى العمل البرلماني الا في سنة 93 وذلك عبر النائبتين البرلمانيتين بديعة الصقلي و لطيفة بناني سميرس من أصل 333 نائبا ،الامر الذي جعل مغرب منتصف التسعينات يعرف تداولا مكثفا لموضوع التمييز الإيجابي لفائدة المرأة ، إذا عملت المنظمات النسائية على تقديم مذكرة مطلبية بمناسبة التعديل الدستوري لسنة 1996، تضمنت اقتراح الية الكوطا بنسبة 20 % للنساء على الاقل ،لتنجح في سنتي 2001/2002 التنسيقيات النسائية ، من ضمان تمثيلية وازنة للنساء في برلمان 2002 إذ ارتفع عدد تمثيلية النساء في البرلمان المغربي إلى 35 نائبة أي بارتفاع يقدر ب 11 في المائة.
الأرقام ترسم صورة الواقع
وبحسب المُعطيات الرسمية المتعلقة بالانتخابات التشريعية الاخيرة، فإنّ عدد النساء في مجلس النواب المغربي ارتفع إلى 81 نائبة، من أصل 395 عضوا، وهو ما يمثّل نسبة 20.5 في المائة، بينما كانت النسبة خلال الولاية التشريعية السابقة في حدود 17.3 في المئة.
لكن تبقى هاته المعطيات ضعيفة إن ما قورنت مع تمثيلية النساء في البرلمان التونسي والذي تصل الى 34.56 في المائة، بحيث تمثل التونسيات في البرلمان التونسي بـ 75 برلمانية.
أما الجزائر، فيصل فقد ارتفع عدد النساء في البرلمان الى 145 من أصل 462 برلماني، بنسبة تقدر بـ 31.6 في المائة، فيما تعرف ليبيا ضعفا في تمثيلية النساء بحيث لا تتعدى نسبة تمثيلية النساء في البرلمان 16 في المائة، وذلك بحسب معطيات اتحاد البرلمان الدولي.
من جانب آخر، وبالرغم من ان الوثيقة الدستورية في المغرب كانت السباقة في محيطها العربي في التنصيص على المشاركة السياسية للمرأة إلا أن الوتيرة لازالت بطيئة اذا ما قارنها بنظيرتها في روندا ـ مثلا ـ والتي عرفت تمثيلا ومشاركة قياسية للمرأة ، إذ يشير الاتحاد البرلماني الدولي الى ان مشاركة المرأة الرواندية في البرلمان تطور من 17,1 بالمائة من مجموع البرلمانيين سنة 1997 الى 25 بالمائة في عام 2002 ، و 48,8 بالمائة في عام 2003 عندما تم اعتماد نظام الكوتا ، وفي عام 2008 ارتفعت لتصل الى 56 بالمائة. واستمر التطور التصاعدي حتى أصبحت نسبة النساء 63,8 بالمائة من البرلمانيين في رواندا سنة 2013 مجسدة الاغلبية داخل البرلمان.
فشل نظام الكوطا؟
الباحثة في المعهد المغربي لتحليل السياسات ، إكرام العدناني ، في تحليلها لنظام الكوطا ، تشير إلى ان اعتماد مبدأ الكوطا يهدف أساسا إلى تسهيل ولوج المرأة إلى المجال السياسي، موضحة في ورقة بحثية منشورة لها ،أن النظرة المعمقة لهذه المشاركة تشير إلى أن هذا النظام لم يحقق هدفه الأساسي.
يعزى ذلك، بحسب الاكاديمية المغربية، إلى كون التمييز الايجابي لم يسمح ببروز قيادات نسائية تستطعن منافسة الرجال من خارج نظام اللائحة، رغم مرور أربع دورات انتخابية تشريعية (2002، 2007، 2011، 2016)، وهو ما طرح التساؤل حول فعالية هذا النظام في تغيير الصورة النمطية عن المرأة التي تعتبرها غير قادرة على شغل مناصب القرار.