قال محمد العلمي المشيشي وزير العدل السابق إن ظاهر “العود” في السجون بحد ذاتها هو تطبيق لجريمة بقيت دوافعها الأصلية مستمرة.
وأضاف المشيشي خلال مشاركته في الجامعة الخريفية للسجون التي تنظمها المندوبية العامة للسجون، على مدى يومين، بالسجن المحلي سلا 2، أن الدوافع الذاتية للعود كثيرة جدا وفيها ماهو جيني وماهو مكتسب.
وأوضح ذات المتحدث أن عامل السن يكون مهما جدا في حالات العود، ذلك أن الدراسات تؤكد أن القاصرين والشباب هم الأكثر جنوحا للعودة إلى نفس الجرائم.
وأكد المشيشي أنه بدون دراسات وإحصائيات لن نتمكن من إيجاد منظور سليم لمعالجة هذا المشكل.
وأبرز وزير العدل السابق أن بعض السجناء الشبان يعودون لأكثر من 10 مرات للسجون، ذلك أن التخلص من الجريمة الأولى أي أن يقضي السجين عقوبة سجنية عليها، لا يعني بالضرورة أنه تخلص من وضعية الإجرام، لأنه يعود لنفس وضعيته في السابق.
ودعا المشيشي إلى مراقبة بعد خروجهم من السجن خلال فترة من الزمن وتتبع وضعيتهم لمدة زمنية محددة قد تصل مثلا إلى سنة، لأن التجارب والدراسات تظهر كل السجناء يخرجون من السجن، لكنهم يعودون للعيش في نفس الشروط التي تولد الجريمة.
من جهته، قال عمر الكتاني الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس، إنه في النظام الإسلامي ليس هناك سجن بل نفي أو قصاص، ذلك أن نظام السجن أخذ من الغرب.
وأوضح الكتاني أن كلمة سجين بحد ذاتها تحكم على صاحبها بحالة نفسية صعبة تسهل عليه العود مرة أخرى.
ودعا الكتاني إلى تحويل كلمة سجن إلى إصلاحية، وتحويل السجون إلى مؤسسة تربوية اجتماعية، وليس مؤسسة أمنية.
وأكد الكتاني أن كلفة الإصلاح أقل من كلفة السجن، لذلك لا بد من تغيير الوضع الحالي.
وأضاف :” لدينا 80 ألف سجين في المغرب وهذا الرقم في الحقيقة هو يد عاملة حقيقية يمكن أن تشارك في الأوراش والأشغال”.
وأبرز نفس المتحدث أنه يمكن إشراك السجناء في أعمال مثل النجارة والحدادة والبناء والصناعة التقليدية مقابل أجر، وعندما يخرجون من السجن يكون لهم مدخول ولا يعودون إلى ارتكاب الجرائم.
وأكد الكتاني أن كلفة العود كبيرة جدا، لذلك فإن السجن مطالب أن يكون مشروعا اجتماعيا أولا وأخيرا، داعيا إلى إطلاق هذه التجربة على سجن واحد وتعميمها فيما بعد على بقية سجون المغرب.
من جانبه، قال هشام معروف الباحث في السياسات الاجتماعية، إن ظاهرة العود عنوان بارز على فشل السياسات العمومية، بكل ما يعنيه هذا الفشل من تكلفة مالية.
وأشار معروف أن بعض الخدمات الاجتماعية الموفر للسجناء داخل السجون غير موجودة في الخارج فكيف لا يعودون إلى السجن؟
وأكد ذات المتحدث أن لقمة العيش هي سبب كبير في جرائم العود، وفي غياب تأطير الأسرة والمجتمع والدولة تتفاقم هذه الظاهرة.
وتساءل معروف عن لماذا لم تعد المؤسسات السجنية تعتمد على السجون في خياطة أزياء بعض القطاعات، وأزياء الدرك والشرطة وغيرهم كما كانت في السابق.
وأضاف” بدل أن نحول بعض الصفقات للخواص سواء في تشييد الطرق وفي الأشغال العمومية، لماذا لا يشرك السجناء في هذه الأعمال حتى نضمن عدم عودتهم مجددا لعالم الجريمة؟”.
وشدد معروف أن المشكل ليس فقط في إدماج السجناء أو في ظاهرة العود بل هو أيضا حتى في إدماج الشباب العادي، وهذا ما يؤكد فشل جميع السياسات العمومية.