وخلال بداية مرافعته أكد المحامي عبد الكبير طبيح، الذي ينوب عن حسن الدرهم، أنه «يمكن عند مرافعته أن يغفل أصفارا عن يمين المبالغ المذكورة، وقد يقع له الخلط بين عملتي الدرهم والاورو»، لأن الأمر يتعلق بمبالغ ضخمة، في قضية تتعلق بخيانة الأمانة، تهم مجموعة اقتصادية من أكبر المجموعات على الصعيد الوطني، التي يصل رقم معاملاتها إلى مئات الملايير، والتي تشغل يدا عاملة تصل لأكثر من 7 آلاف مستخدم يشتغلون في وحدات فلاحية تمتد من آكادير إلى الداخلة..
وكانت هيأة المحكمة برمجت الملف رقم (6458/2019) في آخر الجلسة الصباحية من يوم الأربعاء 16 أكتوبر الجاري. وهو الملف الجنحي التأديبي، المتعلق بخيانة الأمانة، حيث يتابع فيه، المحاسب «س.ش»، الذي تم توكيله لتسوية نزاع في الشركة الفلاحية التي تجمع على سبيل المناصفة كلا من حسن الدرهم ومواطنا فرنسيا من اصل جزائري.
وكانت المتهم قد تم تقديمه بتاريخ 10 شتنبر في حالة سراح مؤقت، حيث تعتير جلسة يوم الأربعاء 16 اكتوبر الجاري، رابع جلسة من عمر هذه المحاكمة، بعد أن تم تسجيل الدعوى القضائية في 24 يونيو 2019.
دفاع رجل الأعمال «حسن الدرهم» الذي شغل مهمة نائب برلماني سابقا عن منطقة الجنوب، المحامي عبد الكبير طبيح، أوضح أن الملف «له ارتباط بمجموعة اقتصادية رائدة في مجال الفلاحة وتصدير منتجاتها إلى الخارج»، مشيرا إلى أن«أرقام معاملاتها تجعله يحرص على إعادة قراءتها لكثرة الأصفار على اليمين، أحيانا بالدرهم وأحيانا أخرى بالأورو»، كنّا قال المحامي طبيح، الذي أضاف أنه «في الوقت الذي يقدم فيه موكله في الإعلام على أنه ملياردير»، «صدقوني إن قلت لكم إنه قدم عندي في المكتب منذ أسابيع وهو يقسم بأغلظ الأيمان، أنه لايملك 500 درهم في حساباته البنكية، وبأنه مهدد بالإفلاس نتيجة تراكم ديونه، مما يجعله معرضا للحبس في أي لحظة».
فكيف تحولت قصة غنى إلى قصة إفلاس؟
يكشف المحامي طبيح، أن موكله «حسن الدرهم»، أنشأ منذ سنوات شركة يمتلك فيها النصف، ويترأس مجلسها الإداري، في المقابل النصف الآخر في ملكية شخص فرنسي من أصل جزائري، هو المدير العام للشركة.
وأشار المحامي طبيح إلى أن «الأمور كانت تجري تجاريا بشكل عادي، مفتتحة في كل موسم أسواقا جديدة داخل المغرب وخارجه، إلى أن وقع نزاع بين الشريكين، بعد أن تبين لحسن الدرهم أن شريكه يحاول الاستئثار بشؤون الشركة ماليا»، مضيفا أن «كل الوساطات بين الشريكين لم تنفع، لتتراكم الديون على الشركة، سواء الديون البنكية أو المتعلقة بمكتب الصرف الناتجة عن أنشطة الشركة التصديرية، ولما بلغ الأمر للحكومة، في عهد ابن كيران، تطوع وزيران من أجل حل المشكل وتدخلا لتعيين شخص يشتغل محاسبا، سبق له أن كان مديرا ماليا لشركة كان يملك فيها حسن الدرهم بعض الأسهم، وقع اتفاق بروتوكولي بين الشريكين والمحاسب الذي كلف بثلاثة أمور، ترتبط ب: تسيير وتدبير شؤون الشركة في فترة لا تتعدى 3 أشهر، أداء مستحقات الخزينة العامة والمستخدمين والممونين، وإيجاد صيغة لتقسيم الشركة بين الطرفين بشكل عادل.
وقال الدفاع إن «بروتوكولا، تم توقيعه، تحت رعاية بعض أعضاء الحكومة وممثلي السفارة الفرنسية، تم تحديد عنوانه الكبير في عدم الإضرار بأي طرف في الشركة»،
ليضيف أنه «مرت ثلاثة أشهر ومرت سنة ومرت 4 سنوات، وعوض التزام الموكل بتنفيذ ما جاء في الاتفاق، اكد المحامي عبد الكبير طبيح أنه حل محل موكله حسن الدرهم، وقام بإنجاز محاضر مزورة لمجالس الإدارة، بل سجل اسمه ضمن السجل التجاري للشركة محل حسن الدرهم، ووضع هذا السجل وكل وثائق الشركة في جميع البنوك التي تتعامل معها الشركة، ولدى المؤسسات العمومية، واصبح هو المخاطب الرسمي للشركة، بل منع حسن الدرهم من ولوج الشركة، وفكك مجلس الإدارة، وأنشأ لجنة إدارية مكلفة بتدبير الوحدات التابعة للشركة وخول لنفسه سلطة الإدارة العامة، وبهذا أخرج حسن الدرهم ماديا وقانونيا، وعند سؤاله في كل هذه الأربع سنوات عن مآل الاتفاق، كان يتهرب ويقوي سلطته، مستغلا ثقة حسن الدرهم في بعض أعضاء الحكومة السابقة الذين رعوا الاتفاق، وعوض تقديم حل لقسمة عادلة، كانت النتيجة تضخم الديون، إذ بلغت 522 مليون درهم، وحرم المستخدمون من حقهم في التغطية الاجتماعية التي بلغت 320 مليون درهم، إلى جانب الديون المستحقة للأبناك والممونين والتأمين والنقل..
وقال طبيح إنه «عوض أن يكون هناك عدل في استحقاق الديون البنكية على الطرفين، تحمل حسن الدرهم نسبة كبيرة منها، لأنه كان يضع ضمانات عقارية لأخذ الديون لصالح الشركة، في حين تبين أن الشريك الفرنسي الذي انتقل إلى رحمة الله منذ أشهر، استثمر في المغرب بصفر درهم، بفضل الديون التي كان حسن الدرهم يتحملها لوحده».
والخطير – حسب الدفاع – أن شركة فرعية من المجموعة العامة، هي التي كانت مختصة في تصدير المنتجات الفلاحية نحو بلدان الاتحاد الأوربي، أحصى مكتب الصرف، أن عليها أداء 11 مليون أورو لصالح الدولة، نظير عملياتها التصديرية.
والحال أن الشركة لم تكن تؤدي للمكتب درهما واحدا.
ورغم إنكار المتهم خلال الاستماع إليه امام المحكمة، مسؤوليته عن هذا التهرب من أداء مستحقات التصدير، إلا أن دفاع حسن الدرهم أدلى للمحكمة بوثائق تثبت تورطه.
وهو ما جعل الاستاذ طبيح يلتمس إدانته وفق تهمة خيانة الأمانة والحكم لموكله بتعويض عن الأضرار التي لحقت به، مبرزا أن المتهم له حسابات بنكية في سويسرا وامريكا وبريطانيا وإسبانيا.
من جهته أدلى الأستاذ يوسف ابو الحقوق المحامي بهيئة اكادير خلال مرافعته مدافعا عن حسن الدرهم بوثائق تثبت أن المتهم بمشاركة محاسب الشريك الفرنسي قاما في شهر مارس 2018 بتحويل مبلغ 20 مليون أورو، بما يعادل 21 مليار سنتيم في حسابات الشريك الفرنسي، في حين تم تحويل 3 ملايين و900 ألف أورو بما يعادل مبلغ 39 مليون الدرهم في حسابات موكله حسن الدرهم، والذي لم يستفد منها بعد أداء الديون المترتبة بذمة شركاته حسب المتفق عليه في برتوكول الاتفاق المحرر والموقع سنة 2014 بمكتب وزير الداخلية الساب، حيث قام المسير المتهم بتخصيص هذا المبلغ لأداء ديون الشريك الفرنسي. واكد المحامي ابو الحقوق أن ما قام به المتهم يمس بالنظام الاقتصادي للمملكة ويمس بحق موكله الذي كان من المفروض أن يستفيد مناصفة من تلك المبالغ العالقة بالشركة الفرنسية بفرنسا حسب تقرير مكتب الصرف، كما أن دفاع المطالب بالحق المدني أدلى بوثائق تثبت أن المتهم لم يكن أمينا في تحديد وتقسيم الديون البنكية حسب المتفق عليه في برتوكول الاتفاق حيث حمل الشريك المغربي أزيد من 13 مليار سنتيم لفائدة الشريك الفرنسي الذي كان مدينا بها للمجموعة البنكية المغربية المكونة من ستة بنوك، موضحا أن المتهم لم يكن أمينا وعادلا في المهام المسندة إليه كوكيل خاص للشريكين بناء على برتكول الاتفاق المبرم بين الأطراف والذي كان هاجسه الحفاظ على هذه المجموعة ومناصب الشغل المحددة في 7 آلاف منصب شغل قار.