دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن ارتفاع عدد الوفيات جراء مرض السل على مستوى العالم لأول مرة منذ عقد، بسبب وباء كوفيد-19، الذي عرقل إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية حول العالم.
وقدرت المنظمة بأن حوالى 4,1 ملايين شخص يعانون من السل لكن لم يجر تشخيصهم أو الإعلان رسميا عن إصابتهم، وذلك بالمقارنة مع 2,9 مليون سنة 2019.
وبالأرقام تشير المنظمة ذاتها، أنه توفي نحو 1,5 مليون شخص جراء داء السل في 2020، بما في ذلك 214 ألفا من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، ويأتي ذلك بالمقارنة مع 1,2 مليون في 2019، بينهم 209 آلاف مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية.
أما عن وضعية داء السل بالمغرب، فقد أعلنت وزارة الصحة في 24 من شهر مارس الماضي بمناسبة اليوم العالمي للداء، أنه تم تسجيل 29 ألف و18 حالة خلال سنة 2020، غير أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن 31 ألف و536 حالة بنسبة 97 حالة لكل 100 ألف نسمة و3 آلاف وفاة سنويا في المغرب.
وفي هذا السياق، يقول جمال الدين البوزيدي، طبيب مختص في الأمراض التنفسية والصدرية ورئيس العصبة المغربية لمحاربة داء السل، إن “الجائحة أثرت بشكل كبير وساهمت في زيادة عدد المصابين بالداء، بحكم إعطاء الأسبقية للمصابين بفيروس كورونا بالتالي وقع نوع من التراجع في تشخيص المرض مما أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات”.
وأضاف البوزريدي، في تصريح لموقع القناة الثانية، أنه “في السنوات الأخيرة بدأ يسجل ضعف في الموارد البشرية الطبية والتقنية العاملة في تشخيص المرض بحكم التخوف من مخاطر العدوى بهذا الداء”، معتبرا بالقول: “أن جهات ترى أن مرض السل هو وصمة عار، لذا يجب الاعتراف بالمرض من أجل محاربته”، داعيا وزارة الصحة بـ”إيلاء الاهتمام أكثر بالمصابين بالداء والكشف عن أعداد المصابين به”.
وأوضح رئيس العصبة المغربية لمحاربة داء السل، إن “المشكل الأساسي الذي يواجه المرضى يمكن في صعوبة الولوج إلى تشخيص”، وبحسبه، فإن “تكلفة التحاليل المخبرية تكون مرتفعة في القطاع الخاص من جهة، وطول مدة المواعيد الطبية بالمستشفيات العمومية من جهة أخرى”، ثم أضاف: “مما يجعل المريض يتخبط في مواجهة المرض دون أن يتمكن من تشخيصه”، وزاد مفسرا: “على الرغم من أن علاج داء السل مجاني كما أن الأدوية مجانية، غير أن مرضى لا يزالون في بعض الحالات مضطرين على دفع بعض المصاريف المتعلقة بالتحاليل الطبية”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن “بعض المرضى تواجههم بعض التعقيدات في منح الأدوية لهم بمراكز محاربة السل والأمراض التنفسية والتشخيص، إذ يطلب من المرضى تقديم تحاليل مخبرية تفيد الإصابة بالداء، في حين أن هناك حالات مرضية وصلت لمراحل متقدمة من المرض والأعراض بادية عليهم، غير أنهم لم يستطيعوا القيام بالتحليلات والأشعة التي يؤدى عنها”.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن “مرض السل يرتبط بظروف الفقر والهشاشة؛ وهذا لا يعني أنه لا يصيب الأشخاص الذي يعيشون ظروفا اقتصادية واجتماعية مريحة، بل هم أيضا يتعرضون للإصابة به إذا كانوا يعانون من أمراض مزمنة مصاحبة (السكري، السيدا، التشمع الكبدي..) وإن كان بعدد محدود”، مشددا على أن هذا “الداء هو مرتبط بالأساس بضعف المناعة”.
وطالب رئيس العصبة المغربية لمحاربة داء السل، الوزارة الوصية على القطاع بـ”ضرورة تكثيف الجهود واعتماد التشخيص المبكر من أجل الحد انتشار العدوى بالداء في المغرب عن طريق إحداث مستشفيات خاصة برعاية مرضى السل، والدولة بتحسين ظروف العيش والسكن والتغذية”.