الدعم الجماعي للجمعيات ، هل يخضع لمعايير حقيقية  ؟؟؟؟

الدعم الجماعي للجمعيات ، هل يخضع لمعايير حقيقية  ؟؟؟؟

azmmza135 أبريل 2018آخر تحديث : منذ 7 سنوات

 
لقد لعب  العمل الجمعوي بالمغرب  أدورا هامة في النهوض بعدة مجالات، و شكل العمل التطوعي الذي يؤطره و على مدى سنين خلت دعامة قوية للتنمية البشرية و أساسا بنيت عليه عدة مشاريع منتجة، اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ورياضيا…. وإن الواقع يؤكد أن الجمعيات التي تشتغل بشكل جدي ولها رؤية قد استطاعت أن تحقق انجازات كبيرة في مجال اشتغالها ، بل أحيانا أصبحت شريكة للدولة في عدة برامج ومشاريع خاصة مند انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
لذلك أصبح من الضروري مراجعة القوانين التي تتعلق بالجمعيات والتي تعود الى  الخمسينيات من القرن الماضي، ولهذا الغرض عمات “اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة “، على إعداد مسودة لترسانة قانونية بديلة تساير العصر و الحريات التي جاء بها.  وتضمنت هذه الوثيقة الجديدة عدة مستجدات تتعلق أساسا بتطوير آليات التدبير المالي و ضبط معايير الدعم العمومي بالإضافة  إلى تبسيط نسبي لمسطرة التأسيس و أمور أخرى.
ومما ورد حول الشق المتعلق بالدعم العمومي ما يلي :
المادة(52): يخضع الدعم العمومي للجمعيات وتمويل برامجها وشراكاتها وماليتها لقواعد الشفافية والحكامة الجيدة والمساءلة والمحاسبة المنصوص عليها في الدستور والقوانين الجاري بها العمل، مع تمتيعها بمقتضيات قانونية تلائم طبيعة الجمعيات التطوعية وغير الربحية والمتنوعة والمتفاوتة القدرات.
المادة(53): الدعم العمومي لقدرات الجمعيات ومواردها الإدارية والبشرية حق لكل جمعية صرح بتأسيسها بصفة قانونية.
المادة(54): يتم اعتماد معيار شفافية تدبير الجمعية و إعمال مبادئ الديمقراطية الداخلية في إقامة الشراكات.
فالمشرع المغربي  أولى أهمية كبرى لتحسين العلاقة بين الجماعات المحلية والمجتمع المدني أملا في تنمية المشاركة المجتمعية كأداة لتعزيز الديمقراطية المحلية …  فقد أناط بالجماعات الترابية  دور الرعاية واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحلية.  ومن ضمن هذه التدابير توفير الدعم المالي اللازم للعمل الجمعوي، مع  حق الاستفادة من مجموعة من الموارد تشكل الإعانات العمومية أهم مكوناتها ، وغالبا ما  يقرر في كل ميزانية من ميزانياتها بعض الاعتمادات ، تتخذ شكل حصص مالية تمنح مباشرة للجمعيات المعنية بعد تأشيرة سلطة الوصاية…
لكن وللأسف طفت الى السطح بعض السلوكيات  التي تحول دون تحقيق الاهداف المنشودة مما يفرض الضبط والعقلنة تفاديا للخروقات الكثيرة  التي تشهدها العملية ، بحيث يلاحظ  توزيع تلك الموارد دون الاعتماد على أية معايير موضوعية من شانها المساواة بين جمعيات المجتمع المدني في الاستفادة من دعم الجماعات المحلية. مما يؤدي  بالطبع الى احتجاج بعضها، وإحساس البعض الاخر بالغبن، فيما تستفيد أخرى دون أن تتوفر على أدنى استحقاق. فينتفي مبدأ تنمية روح التعاون والشراكة بينها. والأكيد أن المسؤول الأول والأخير عن هذا الخلل هم المدبرون المحليون وأطر الجماعات المحلية الساهرة على ملفات الدعم المقدم للجمعيات . فالشفافية والوضوح يقتضيان قبل دراسة الملفات  ، التأكد من ان الجمعيات المعنية قد قدمت طلباتها داخل الاجل المنصوص عليه في الإعلان عن فتح الترشيحات للاستفادة من الدعم، ومن أن ملف طلب الدعم يتوفر على جميع الوثائق المطلوبة، وأن الجمعيات تقوم بتجديد هياكلها وفق ما هو منصوص عليه في قانونها الأساسي.ثم بعد ذلك يمكن الانتقاء بالاعتماد على معايير منطقية  “كأنشطتها خلال فترة زمنية معينة و عدد شركائها  بناء على اتفاقيات الشراكة و مواردها ، والشفافية في التدبير المالي ، وإشعاعها محليا ووطنيا ، وكذا الحضور أو المساهمة في الساحة ، و عدد منخرطيها ونسبة النساء والشباب في المنخرطين والمسيرين…الخ “. وحتى تصير المنافسة شريفة يلزم وضع شبكة تنقيط لتقييم كل نشاط على حدة ، ومنحه النقطة التي يستحق اعتمادا على نوعيته وجدته وعدد المستهدفين ، والإضافات التي قدمها للحقل الجمعوي، ويكون بالتالي مجموع النقط الذي حصلت عليه كل جمعية هو المعيار الذي تحدد بموجبه قيمة المنحة المالية، وهو ما يمكن أن يساهم في الحد من العشوائية والزبونية  والمحسوبية والتسيب ، علما بأن  هذا الدعم في نهاية الأمر ما هو الا  جزء من المال  العام الذي يلزم صرفه بشروط وضوابط ومساطر  تحكمها المصداقية والنزاهة من اجل مستقبل عادل ومنصف واكتر عطاء يتسع للجميع ….
ومن الملاحظ  أنه كلما اقترب موعد توزيع المنح  على الجمعيات إلا وارتفعت معه النقاشات حول الاستحقاق والأهلية وتزداد معه الاحتجاجات حول المعايير التي حكمت هده العملية ، حتى إن الأرقام التي يتم وضعها أحيانا كثيرة ترتبط بتدخلات وحسابات سياسية تفرغ العملية من محتواها التشاركي النزيه… والغريب في الأمر أن منح بعض المجالس تأخذ أحيانا شكل الصدقة، ومعيارها وقيمتها يوزنان بقيمة الواقفين خلف الجمعيات المطالبة بالدعم، بغض النظر عن الأنشطة المنجزة، ويزداد الأمر التباسا وغموضا إذا علمنا أن بعضها يسيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مستشارون جماعيون بنفس المجلس، وهو ما يطرح سؤال الإنصاف والشفافية بحدة .
إن ربط المسؤولية بالمحاسبة قد يحيلنا على بعض مهام المجالس الجهوية للحسابات ، خاصة منها القانون رقم 91.66 المتعلق بمدونة المحاكم المالية حيث نصت مواده “118…154…155” على أن:المجالس الجهوية للحسابات تراقب استخدام الأموال العمومية التي تتلقاها الجمعيات من طرف أي جماعة محلية للتأكد من مدى استخدام الأموال العمومية التي تم تلقيها لمطابقة الأهداف المتوخاة من المساعدة.
لقد آن الأوان لوضع منظومة مضبوطة لتتبع مآل المنح والدعم ، تحدد فيها الأهداف المراد بلوغها -ومؤشرات الفعالية المتعلقة بها، وبالتالي فإن الدعم المخصص للجمعيات لابد وأن ينبني على أساس أهداف واضحة ومحددة قابلة للقياس ومعتمدة على التقييم في الأداء والمراقبة الداخلية والافتحاص وتقديم الحصيلة، الى جانب -تكريس قيم الديمقراطية والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، في كل ما يتعلق بتدبيره .وهذا ما يجب اعتماده في منهجية دعم مختلف فعاليات النسيج الجمعوي بصفة عامة.
وختاما لابد من طرح مجموعة من التساؤلات لعلها تستفز من يهمه الأمر فيدلي ببيان حقيقة :
    ما هي المعايير المعتمدة في تصنيف الجمعيات  المقترحة وترتيبها ؟
    كيف يتم تدبير الدعم وقيمة المبلغ المالي المرصود لكل جمعية ؟
    هل جميع الجمعيات التي يقع عليها الاختيار في وضعية قانونية؟ وهل فعلا ملفاتها استوفت جميع الشروط ؟
    من يسهر على دراسة الملفات  ؟ أهي  لجنة خاصة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون انفراديا؟
    لماذا يقع الاختيار غالبا على نفس الجمعيات دون غيرها ؟
    ما ذنب الجمعيات التي لا علم لها بوجود هذا الدعم أصلا ؟ أم أنه كما يقال لا يعذر أحد بجهله للقانون؟
بقلم : المحجوب سكراني

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *