كيف يعيش الفنان المغربي في مجتمعه ؟

كيف يعيش الفنان المغربي في مجتمعه ؟

azmmza1310 أبريل 2018آخر تحديث : منذ 6 سنوات

بقلم – ياسين أحجام (2)
 
إذا كانت المجتمعات المتقدمة قد فطنت لأهمية الفن بسبب ما راكمته من تاريخ و مساهمة فكرية خلاقة في حضارات الأمم ، وخصته بوضعية اقتصادية استثنائية تحمي الفنانين بالنظر إلى خصوصية المجال الفني ، فإن المجتمعات المتخلفة لا زالت تنظر إلى الفن نظرة فيها الكثير من الازدواجية، وتبقيه خارج دائرة الاهتمام الرسمي والمجتمعي، إذ اقترن بنوعية خاصة من الناس الذين يتعاطون المجال الفني كترف زائد يختص به بعض المتسكعين و الكسالى والفاشلين، في الوقت الذي ينشغل فيه باقي أفراد المجتمع بكسب قوتهم الضروري بشكل جدي و نافع لهم و لمحيطهم دون أن يشغلوا بالهم وتفكيرهم في الفن الذي يقترن حسب نظرتهم بالعبث و الابتذال.
 
فالفن بالنسبة للكثير من المجتمعات التقليدية كما يذهب إلى ذلك دوركهيام، هو مجرد إشباع لتلك الحاجة الموجودة لدينا إلى بذل نشاط لا غرض له، إلا ما ينجم عن بذل مثل هذا النشاط من لذة أو متعة.
إن غياب إرادة سياسية رسمية تحمي الفنان داخل المجتمعات التقليدية، بالنظر إلى خصوصية المجال الذي يشتغل فيه، جعل المجتمع يخص الفنان بمكانة اعتبارية تحاول أن تميزه عن المكانة الطبيعية لباقي عموم المواطنين، وهي مكانة قائمة على اعتبار المجتمع لها دون أن يكون لها سند قانوني ، فالمكانة الاعتبارية هي مجرد مكانة افتراضية، والفنان كشخص اعتباري هو مجرد افتراض اجتماعي يخالف الحقيقة والواقع .
إن المكانة الاعتبارية لا تعدو أن تكون مجرد قيمة معنوي و رمزية يمنحها المجتمع للفنان ، اعترافا منه بالدور الذي يقوم به كصانع للقيم الجمالية، وفي الوقت نفسه لا يترتب عنها أي التزامات قانونية ولكن قد يترتب عنها بعض الامتيازات التي يرجع للمجتمع وحده تقديرها وتحديدها ، وطالما أنها مجرد مكانة افتراضية فقد يتراجع عنها المجتمع متى شعر بأن الفنان قد تجاوز الحدود التي رسمها له خاصة حين يأتي تصريحا أو سلوكا يعتبره غير مقبول مجتمعيا فيتحول في نظر الجمهور إلى مجرد مسخ بشري خارج عن نظام الجماعة .
إن المكانة الاعتبارية تحيل مباشرة إلى المكانة الطبيعية والمكانة القانونية،  و أحيانا يسقط المجتمع عن الفنان شخصيته الطبيعية ويمنحه مكانة جديدة يصبح ملزما على الفنان أن يتصرف وفقها  فيحد من حرياته مثلا ويمنع عنه ما قد يتمتع به أي مواطن آخر من حقوق خاصة الفردية منها .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *