سعد الدين بن سيهمو
طالبت ساكنة دوار تاكظيشت ، بتراب جماعة ايماون دائرة إغرم إقليم تارودانت ، في تصريح للجريدة ، بفك العزلة عنها وذلك عن طريق إخراج مشروع القنطرة الرابطة بين دوار تاكظيشت وحد ايماون العابرة للسد التلي تاكظيشت ، إلى حيز الوجود من اجل تسهيل استفادة أبنائهم من التمدرس و التطبيب ، بالإضافة إلى تنقلهم نحو الأسواق وجلب ما يحتاجون إليه .
وللاشارة فثلاثة دواوير بنفوذ جماعة ايماون لازالت تعاني من عزلة خطيرة ، من خلال ارتفاع صبيب السد التلي الذي شيد على انقاض الطريق القديم وكذا فوق مساحة شاسعة ، من ممتلكات الساكنة بما في ذلك المئات من اشجار الزيتون وكذا اشجار اللوز ، بالاضافة الى عشرات الابار التي كانت الساكنة تستعملها في السقي والشرب ، وقد اكدت الساكنة كون معاناتها ، تكون كبيرة في كل الفصول صيفا و شتاءا مما يجعل المعاناة تزداد بوجود حالات ولادة أو مرض وهو ما يترتب عنه حدوث وفيات ترجع المغرب إلى أسفل السافلين في المراتب و المقاييس الدولية فيما يتعلق بمؤشر التنمية .
هذا و تعتبر وضعية دوار تاكظيشت فيض من غيض ، لكون أن عددا كبيرا من الدواوير بجماعة ايماون تعيش عزلة و تهميش منقطعي النظير في غياب تام لتدخل المسؤوليين محليا أو إقليميا و ذلك بفك العزلة و توفير الحياة الكريمة لهؤلاء المواطنين الذين يحيون في مغرب الهوة الشاسعة ما بين بعض مناطقه التي تطورت بشكل واضح بينما تعيش مناطق أخرى تهميشا و إقصاء يكرسان اللاتكافؤ.
والغريب هو أن جماعة ايماون بدائرة إغرم، عجزت عن الفعل و إيجاد الحلول لمعاناة الساكنة التي تنتمي إليها ترابيا ويصل تعدادها قرابة 76 ألف نسمة ، بحيت ينظر إليها كقوة انتخابية يتم إسقاط الكلام ثم الكلام و الوعود تم الوعود ، مع كل استحقاق انتخابي فتتم الحملات الانتخابية و يعتلي كرسي الرئاسة من يعتليه و يحتل مقعد بالبرلمان من يحتله و يظل حال ساكنة جماعة ايماون بدائرة إغرم على ما هو عليه من تهميش و إقصاء ، فلا طرقات و لا مشاريع تنموية و لا ماء و لا كهرباء و لا مستو صفات صحية تكون كفيلة بالحد من معاناة هؤلاء.
وغير ما مرة و صلت أخبار مؤكدة لنسوة حوامل نقلن على الدواب لمسافات طويلة و مرضى و شيوخ حملوا على الأكتاف للمرور عبر الوديان في مواسم الأمطار وذلك لغياب القناطر و المسالك . وضع مثير للشفقة و الحسرة .
فهل يعقل أن تتم مطالبة هؤلاء السكان المهمشون بالتوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثلين عنهم بجماعاتهم وهم على علم ويقين أن التاريخ أصبح يكرر نفسه بشكل مقزز ، بحيث تنهال الوعود بالفعل و التغيير و الإصلاح و التهييئ و شق المسالك و بناء القناطر, و يبدأ المرشحون في حملاتهم الانتخابية بتلميع الأوهام و الالتزام بتحقيق الأحلام أملا في تصويت الناخبين لصالحهم .
أصبح في حكم اليقين بفعل التكرار أن الفعل فعل و القول في جزء كبير منه مجرد بهتان , إن لم تكن إرادة قوية لأناس تحيا فيهم الضمائر للقيام بالفعل والمساهمة في تغيير أوضاع كارثية على كل المستويات , لا أن يكون القول من أجل تحقيق أهداف شخصية تنتهي بمنتهى حال ساكنة قروية سدت في وجهها كل السبل لحياة أفضل, و خرجوا دواوير و دواوير في محطات عديدة مستنجدين بأعلام حملوها في أيديهم و بشعارات و كلمات تذكر لمن يريد التذكر و الالتفات أن هؤلاء السكان هم مواطنون مغاربة ، لكن قدرهم أنهم وجدوا في مناطق أريد لها أن تكون منسية.
هكذا هو حال ساكنة دوار تاكظيشت بجماعة ايماون بدائرة اغرم ،فقد أعياهم الانتظار وبعد أن ملوا القهر و أحسوا بذل المهانة لكونهم محرومون من ابسط الشروط ، و معزلون عن العالم الخارجي, بسبب غياب الطرقات و المسالك التي لم تعد حتى الحيوانات تقوى على المرور بها بالإضافة إلى غياب مشاريع تنموية تكون كفيلة بإعادة الاعتبار للمنطقة .
ومن هذا المنبر يتوجه هؤلاء المهمشون إلى الفاعلين المتداخلين كالسلطات الاقليمية والمحلية والحوض المائي وكذا المياه والغابات وذلك من اجل تبليغ شكواهم و تذمرهم من حال أصبح من المحال الصبر عليه. لكن السؤال الذي وجب طرحه هو : هل عجز منتخبو و ممثلو هؤلاء الدواوير في جماعتهم عن الفعل و التدخل لخلق أجواء مناسبة للإحساس بالأمان في نفوس السكان ، الذين فقدوا الأمل في التغيير وفي تحسين أوضاع معيشتهم رغم طول الانتظار و التجئوا إلى السلطات الإقليمية غير ما مرة للمطالبة بتدخلها لإخراجهم من العزلة و التهميش الذي طالهم لسنوات .
هل أصبح من الضروري بما كان أن تتخذ المطالب الاجتماعية شكل فعل الاحتجاج, و هل أصبح من الواجب على البسطاء و المهمشين أن يلجئوا إلى السلطات الإقليمية و المركزية للتدخل لفك العزل عنهم , وذلك بشق طريق و بناء قنطرة و توفير الماء الشروب ، أسئلة تتقاطر بشكل محير تروم حول دور الجماعات المحلية عن فعاليتها و أين هي من سياسة اللامركزية واللاتمركز .
إن مايقع من تهميش وبؤس مرده إلى سوء التسيير و التدبير لشؤون جماعات تمتلك من المقومات ما يجعلها تقوم بالدور المنوط بها في فك العزلة عن الساكنة و خلق مجالات أرحب لترسيخ مفهوم المواطنة , لكن حينما ترسخ المسؤولية بشكل خاطئ و تصبح تشريفا غير تكليف , حينما تكرس التمثيلية بجماعة ما على أنها انتصار بعد صراع حول من يصل و من يسيطر و من يتحكم و بطرق وجب تدخل الجهات المعنية و ذلك بالحد منها و الزجر في حق مرتكبيها من قبيل شراء الذمم و التهديد و الابتزاز الذي يتعرض له المواطنون , لكن حينما تغمض السلطات أعينها و تتخذ موقف الحياد السلبي تجاه من يتلاعبون بمصير العباد و البلاد حينها إذن يمكن الجزم بكون أن الإصلاح المنشود الذي يستشرفه دستور 2011 ، لن يجد طريقه للتطبيق على ارض الواقع .