المهدي أحجيب
قد يتوقع المتتبع للشأن الرياضي مباراة بدون جمهور, وقد يتخيل أيضا مباراة بدون مندوب, وقد يعيش كذلك مباراة بدون مدرب على دكة الاحتياط أو حتى على المدرجات, وقد يتابع مباراة بدون كاميرات او رجال الصحافة, لكن لا أحد من المتتبعين للشأن الرياضي ان يتصور مباراة رسمية لكرة القدم بدون صافرة وطاقم تحكيمي ساهر عليها.
تلك الصافرة التي وضعت كل مجهوداتها على المستطيل الاخضر, لتضفي عليه طابع الجدية والصرامة والتنافسية والالتزام بقوانين وأخلاقيات اللعبة, وكذا الروح الرياضية التي جاءت من أجلها الكرة.
فالذاكرة الكروية تحتفظ بالألقاب و كذا النتائج والبطولات والأهداف, لكنها تغض الطرف عن المحور الذي يعطي للعبة مصداقيتها, فهناك حكام خاضوا مباريات مصيرية ومقابلات ألقاب, وعاشوا ضغوطات ما قبل صافرة البداية وما بعدها.
لكن الذاكرة الرياضية تناستهم بمجرد صافرة النهاية, والحديث يجرنا إلى مجموعة من الحكام الذين أدو وأبدعوا وتفننوا في إدارة مباريات هامة من البطولة الوطنية في شقيها الأول والثاني.
ولعل أبرز هؤلاء الحكام “توفيق كورار “ الذي ظلت صافرته منسية إعلاميا رغم بصمه على مسيرة موفقة منذ ولوجه لعالم التحكيم ، ابن سوس المزداد بتاريخ 1/06/1978 ، قد ابتدأ مشواره التحكيمي بمسقط رأسه بمدينة أكادير بعصبة سوس لكرة القدم سنة 1997 على يد مجموعة من الحكام المقتدرين أمثال الحاج محمد جيد ويحيى حدقة وآخرون؛ ليتعلم أبجديات التحكيم على أيديهم .
و لم يستفيض “توفيق كورار” في قيادة مباريات البطولات الجهوية المنضوية تحت لواء العصبة ؛ حيث استطاع بإمكانياته الرفيعة اجتياز الاختبارات النهائية بنجاح ليحصل على شارة حكم جامعي سنة 2001 ، آنذاك بدأ “توفيق” مسيرته باحثا عن فرصة للتألق .
و لم يتمكن “صاحب الصافرة المنسية” من إتمام مسيرته التحكيمية بالمغرب ؛ حيث هاجر إلى فرنسا لظروفه الدراسية ؛ هناك تابع دراسته العليا ، ليحصل على الماجستير في النقل والوسائل اللوجيستيكية ، قبل أن يعود إلى أرض الوطن بعد تجربة بفرنسا دامت لثماني سنوات ؛ تمكن من خلالها صقل تجربته في مجال التحكيم والمشاركة في عدة تكوينات و تربصات في هذا المجال بكل من انجلترا و اسبانيا و ألمانيا وبلجيكا وهولندا ودول أوربية أخرى ، كما اجتاز عدة امتحانات للترقية في مجال التحكيم بهذه الدول بتفوق .
ويتميز “المحظوظ” بمؤهلات علمية وقدرات بدنية عالية ساعدته في قيادة مقابلات مصيرية و حاسمة بالبطولة الفرنسية بكل أقسامها بعد أن أسندت له هذه المهمة من طرف الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، حيث أبان عن علو كعبه و مستواه المتميز و بصم على أداء قوي شرف به التحكيم المغربي.
بنفس المؤهلات السابقة ؛ و بقوة الشخصية و الأداء الصارم ، مازال “توفيق كورار” يتألق في الميادين الكروية بالبطولة المغربية ، بعد الثقة الكاملة التي نالها من المديرية المركزية للتحكيم و بعد المسار الإستثنائي الذي مر منه أكاديميا ، علميا ، تحكيميا؛ و خاصة بعد التجربة الواعدة بالديار الفرنسية ؛ حيث مازال مستمرا في تقديم مستويات جيدة داخل رقعة التباري ؛ اذ أصبحت تسند له مباريات حاسمة في الدوري الإحترافي ، ليخرجها لبر الأمان بعيدا عن كل المشاكل و الأخطاء مساعدا في ذلك ثباث منهجه و قوة شخصيته، و أدائه الرادع داخل البساط الأخضر .
و مازال “متلقي الإنتقادات اللاذعة” يمني النفس في تحقيق الأهداف المرجوة منذ ولوجه عالم الصافرة و نيل الشارة الدولية لتمثيل الصافرة المغربية احسن تمثيل في التظاهرات العالمية.