محمد بوسعيد
قال خالد ألعيوض ،الاستاذ الباحث في التراث ،أن “إكودار” جزء من المنظومة ولا يمكن أن نتحدث عنه دون الحديث عن المنظومة التي تتكون من المخزن الجماعي [ أنرار ،تنوضفي ،إفرض ،إغرمان أي فلاحة المدرجات ]،الكل مرتبط بخبرة محلية وبتقنية
زراعة الشعير .وأضاف في معرض حديثه للجريدة ،عن إكودار بمنطقة اشتوكة أيت بها ،أن اختيار زراعة الشعير لم يكن اعتباطيا ،بقدر أن منطقة سوس تعتبر مجالا يتميز بشح الأمطار منذ القرون الماضية ،وتعرف دورات مناخية ،وتساقطات خلال سنتين و الباقي عجاف .وقد استطاع السكان أن يتكيفوا مع هذا الوضع بتقنية الاحتفاظ بالماء [إفرض ]،وهي بحيرة اصطناعية لجمع ماء المطر واستعماله في سقي البهائم وغسل الملابس ،وهي تقنية تدبير الماء باقتصاد كبير.
وبخصوص أشكال ” المطفية “، أكد خالد ألعيوض أنها أنواع ،كالمضفية الطويلة “تغزافت ” بنيت بالحجارة على شكل أفقي ورأسية ،وحتى لا يتسرب الماء يتم استعمال الجير الذي بدوره يصنع من الحجار ،حيث يتعرض لنار قوية لمدة أسبوعين وبعد تبخره ويزيد له الماء ،لكي لا يسمح بنفاد الماء وتطهيره ،وتغطى من الفوق بحجارة حتى لا يتسرب الضوء ،وهي خبرة تدرس اليوم بشعبة البيولوجيا، وكمهارات ذهبت بوفاة آهل
الاختصاص . المتحدث ذاته ،ذكر بان هناك ثقافة التضامن بسوس منذ القديم ،حيث يتم احترام الخصوصية المائية ،ويدبر “المطاف ” بما يسمى حق العالية على السافل ،حيث لا يمكن أن يغير سكان الجبال مجرى المياه ،وسيتعرض بذلك لعقوبة “إنفلاس ” .مبرزا أن بجانب ذلك يتواجد “أنرار ” ،وهو منطقة مخصصة لدرس الحبوب ،وفي نفس الوقت كفضاء للفرجة ،وهي تقنية لتدبير المجال .
وعن ذاكرة الزراعة باشتوكة أيت بها ،كشف خالد العيوض عن وجود فلاحة المدرجات ،والتي هي عمل تحتاج إلى تضافر جهود كل القبيلة ،فلا يمكن أن يعيش الشخص منفردا ،لكن للأسف فاليوم يتم بيع أحجاره ،وهي جريمة في حق التاريخ و التراث لكونه إرث يعود إلى عهد المرابطين و الموحدين .حيث يزرع فيه الشعير و اشجار اللوز ،وتحارب بذلك انجراف التربة ،وبالتالي تعطينا الشعير الذي يعتبر الذهب الأخضر للمناطق الجبلية .
والذي بدوره في النهاية يتوج بأبناك البذور ،أي المخازن الجماعية “إكودار “، الذي يجمع فيه المحصول ويختزن لمدة سنوات طويلة .فالمناطق التي تتوفر على إكودار لم تعرف الجوع بحكم عملية التخزين وتدبير الندرة و المعاش .
وجدير بالذكر ،أن معظم قبائل اشتوكة أيت بها أتت من الجبال كالقبائل الأمازيغية .غير أن العربية استقرت في المنطقة مع مجيء السعديين ،حيث جلها من الكيش كمنطقة [تكاض ،أيت بوالطيب ]،فضلا عن قبائل رحل ويتعلق الأمر [أيت ميمون ،العزيب ،الدويرة ].
وقد عرفت هذه المنطقة هجرة مند بداية هذا القرن ،فأول مهاجر هاجر من منطقة سوس هي فرقة سيدي احمد أوموسى ،متجهة إلى ألمانيا للاشتغال بنادي الفرجة سنة 1880 .