فاطمة بوريسا
مع بدء الترويج للملتقى السنوي للتبوريدة بمدينة تارودانت في دورته الثالثة، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي حملة مقاطعة لهذا النشاط تحت شعار: # خليه احنقز بوحدو، حملة المقاطعة كما جاء في ملصقها (باركا ما تبوردو علينا ـ تارودانت ما بغات التبوريدة ـ تارودانت بغات اللي ينقذها)، لم تتبناها جهة معينة بل انطلقت اعتباطيا كتعبير عن رأي ليتم تقاسمها بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وتلقى انتشارا.
الحملة عرفت تفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي من الساكنة الرودانية وغيرها، ما بين مؤيد للنشاط باعتباره يحيي موروثا ثقافيا للمدينة، ويساهم في الانتعاش السياحي، اضافة إلى خلق متنفس للساكنة على مدى خمسة أيام للخروج والاستمتاع.. ومعارضو النشاط الذين يرون فيه تضييعا للمال العام شباب المدينة الباحث عن فرص شغل أولى به، باستثماره في مشاريع تخلق مناصب شغل حقيقية وتساعد في تنمية المدينة اقتصاديا قبل تنميتها ثقافيا، فكيف للبطون الجائعة والأجسام المرتدية أسمالا والمثقلة بالهموم أن تستأنس باللوحات الفلكلورية كيفما كان نوعها وأن تستمتع بها، أليس الأولى كساؤها سترا وتوفير الغذاء لسد رمقها ومد العون لها على الأقل للتخفيف من مشاكلها، عوض اعطاء الأولوية للكماليات !
النقاش المفتوح عرى الواقع المزري لمدينة تارودانت، حاضرة سوس التي لم يتبق من مجدها سوى اللقب، تغرق في الأزبال والقمامة والحيوانات المتشردة كالحمير والكلاب المنتشرة بالأحياء والشوارع، والمطارح الغير قانونية كالمطرح المغلق وراء مقبرة باب الخميس بواد الواعر والذي يئن تحت وطأة أطنان من جبال القاذورات، وأصبح وكرا للذبيحة السرية والمتشردين، والمياه الآسنة على مدخل واد سوس التي تهدد بكارثة بيئية، ومقابر في حالة يرثى لها، منشآت ومركبات ثقافية وحرفية ورياضية لم يكتب لها بعد أن تفتتح، وأسواق نموذجية تنتظرها الساكنة قبل الفراشة ليخف احتلال الملك العمومي بوسط المدينة العتيقة التي لا تحتمل شوارعها الضيقة مرور سيارة، ناهيك عن مرور سيارة وسط عربات الباعة واصحاب الدراجات النارية والهوائية والمشاة.. واختناق مروري على مدار اليوم..
تارودانت بغات اللي ينقذها رسالة مباشرة وواضحة للمسؤولين، رسالة استغاثة لإنقاذ ما يمكن انقاذه، من الجلي أنها لم تلق آذانا صاغية، لذا أثار حضور أحمد حجي والي جهة سوس ماسة، والحسين امزال عامل اقليم تارودانت لفعاليات الملتقى تساؤلات واستغراب المتتبعين للشأن المحلي.
فالمتتبعون يتساءلون هل دعم نشاط ثقافي أهم من التنمية الحقيقية للمدينة وانقاذها من الاحتضار؟ وهل تسكين آلام المدينة البئيسة لأيام معدودات بفرجة بنفقات بالملايين هو الحل المناسب؟ وهل السهرات والأنشطة الثقافية لاستقطاب الساكنة كفيلة بستر هذا التخبط؟ والسؤال الأهم هو ما هو الحل لهاته المعضلة؟ وباركا ما تبوردو علينا !