كثفت السعودية خلال استعداداتها لاستقبال ضيوف الرحمن لموسم الحج الحالي من اعتمادها على عالم التقنية ضمن خططها التنظيمية لتيسير حشود الحجيج القادمين من كل بقاع الأرض في واحد من أكبر التجمعات البشرية في العالم.
فبعد إطلاقها في موسم الحج الماضي لمبادرة “حج ذكي”، من خلال إدخال حزمة من التطبيقات الهاتفية لمساعدة الحجاج في رحلاتهم وتنقلاتهم في الأراضي المقدسة، تواصل السلطات السعودية المختصة اعتمادها هذا العام على التطورات المتلاحقة للتقنية والاستفادة من أحدث ما استجد في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل إدارة شؤون الحجاج.
وينطلق الموسم الحالي وسط تكامل الخدمات التنظيمية الذكية بإطلاق المرحلة الثانية من مبادرة “حج ذكي” المعززة بشبكة الجيل الخامس والتي تتضمن تقنيات مستحدثة منها ربط سيارات الإسعاف بالمراكز الصحية وإثراء تجارب الواقع الافتراضي، إلى جانب استخدام تقنية “الهولوغرام” في الوعظ والإرشاد.
وفي هذا الإطار، أطلق وزير الحج والعمرة محمد بن صالح بنتن، أمس الأربعاء، مشروع “منصة الحج الذكي”، ومبادرة “الرقابة على الخدمات” لرفع مستوى خدمات السكن بهدف توفير مساحات إضافية للحجاج وتنظيم مسارات النقل الترددي، وبرنامج “التفويج” المخصص لإدارة الحشود عبر نظام إلكتروني لإعداد ومراقبة خطة التفويج.
وسعيا لمزيد من تطوير جانب الجودة والرقابة خلال موسم الحج لهذه السنة تم إطلاق نظام تقني رقابي باسم “النظام الإلكتروني للمشاعر المقدسة”، وذلك بهدف قياس جاهزية المشاعر المقدسة ومرافقها.
وللتخفيف من مشاق انتظار الحجاج في قاعات مطار الملك عبد العزيز الدولي بمدينة جدة، تم تفعيل مبادرة “حج بلا حقيبة”، الرامية الى إعادة نقل أمتعة الحجاج من مقرات سكناهم إلى قاعات الحج والعمرة بهذا المطار.
وتشتمل منصة الحج الذكي على “بطاقة الحج الذكية”، التي اعتبر وزير الحج والعمرة السعودي، محمد بن صالح بنتن، خلال تقديم المنصة، أنها “نقلة نوعية في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن”.
وتتضمن هذه البطاقة بيانات إلكترونية شاملة للحاج بما في ذلك ملفه الصحي، والأمراض المزمنة التي يعاني منها، إضافة إلى الأدوية التي يتناولها بانتظام.
وستضطلع هذه البطاقة بدور كبير، لاسيما في ما يتعلق بالحجاج الذين يتوهون خلال موسم الحج، وكذا في الحد من الحج غير النظامي.
وبفضل هذه المبادرة، يمكن للحاج أيضا استخدام تطبيقات للإبلاغ عن الحالات الصحية الطارئة مثل تطبيق “أسعفني” وتطبيق “صحة” لتقديم الاستشارات الصحية، إضافة إلى تطبيق “كلنا أمن” لتقديم البلاغات الأمنية وتطبيق “فزعة” الخاص بالدفاع المدني وغيرها من التطبيقات الخاصة بشرح مناسك الحج.
ولتسهيل تعاملات الحاج المالية خلال أدائه لفريضته، أطلقت الوزارة بالتعاون مع البنوك المحلية خدمة البطاقة البنكية التي تتيح للحاج إيداع أمواله لحفظها من الضياع، كما تمكنه من سحب الأموال عبر شبكة “مدى” البنكية.
ولمزيد من تسهيل أداء حجاج بيت الله الحرام، الذين لا يتقنون اللغتين العربية والانجليزية، لمناسكهم، أطلقت وزارة الحج والعمرة السعودية تطبيقا للترجمة أطلقت عليه “مناسكنا”.
وأكد وزير الحج والعمرة السعودي، أن مشروع “منصة الحج الذكي” يأتي في إطار رؤية بلاده التي ركزت على الالتزام بتطوير وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين لتسهيل أداء مناسكهم من خلال التقنيات المتنوعة.
وبالفعل، لمس حجاج بيت الله، ومنهم المغاربة، هذا الموسم نوعا من السلاسة في أداء المناسك بفضل هذه التطبيقات التي سهلت الى حد كبير من ربح الوقت والتعرف على بعض من الخدمات الضرورية للحاج والتي كان الحصول عليها في السابق يتطلب جهدا كبيرا.
كما تم تسجيل التفاعل الإيجابي مع هذه المنصة من لدن الحجاج، الذين استحسنوها، وبالخصوص، في الجوانب المتعلقة بالصحة أو التيه الذي يقع فيه بعض كبار السن من الحجاج.
وفي هذا السياق ، أكد عضو البعثة المغربية للحج أحمد لزعر أن هذه التطبيقات، “التي استأنسنا” بها خلال الموسم الماضي، سهلت مأمورية المؤطرين ب”شكل كبير”.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي، أن هذه التطبيقات لعبت دورا كبيرا في توجيه الحجاج ب”يسر” ولا سيما المرضى الذين يتم التعرف، بفضل هذه التقنيات، على حالاتهم المرضية، مما يسهل التدخل السريع والفعال من لدن المصالح الطبية، المغربية منها والسعودية، لتقديم الإسعافات الأولية أو العلاج إذا اقتضت الحالة ذلك.