خلف تصاعد حدة التوتر بالقدس المحتلة موجة قلق دولي واسع وردود فعل منددة باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك واعتدائها على المصلين ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية في رحاب أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بأمن وسلام .
واندلعت يوم الجمعة صدامات بين الفلسطينيين وشرطة الاحتلال عندما اقتحمت هذه الأخيرة ساحات المسجد الأقصى وأطلقت الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لإخراج المصلين من المسجد، مما أسفر عن إصابة عشرات الفلسطينيين.
وتصاعدت التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين مؤخرا بعدما قررت إسرائيل إخراج عائلات فلسطينية بالقوة من حي الشيخ جراح ، وهو حي تقطنه أغلبية فلسطينية في القدس الشرقية.
وتوالت ردود الفعل الأممية والدولية والإقليمية المنددة والرافضة لهذه الانتهاكات التي تشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي ومن شأنها أن تدفع المنطقة إلى مزيد من التصعيد والتأزيم ، داعية إلى احترام حرمة الأماكن الدينية وضمان حق المصلين في ممارسة شعائرهم الدينية واحترام الوضع القائم بالمسجد الأقصى المبارك.
وأكدت الولايات المتحدة أنها ” قلقة جدا ” إزاء ما يحصل ، مؤكدة أنه من الضروري جدا أن تمارس كل الأطراف ضبط النفس وأن تمتنع عن الأعمال والتصريحات الاستفزازية، وأن تحافظ على الوضع التاريخي للحرم الشريف.
وعبرت الخارجية الأمريكية عن قلقها الكبير إزاء احتمال طرد عائلات فلسطينية في حيي الشيخ جراح وسلوان في القدس ،لا سيما أن عددا منها عاشت في هذه المنازل على مدى أجيال،داعية إلى تجنب الخطوات التي تؤدي إلى تفاقم التوترات بما في ذلك عمليات الإخلاء في القدس الشرقية،والاستيطان .
نفس الموقف عبرت عنه منظمة الأمم المتحدة التي حذرت من عمليات الإخلاء القسري، معتبرة أنها قد ترقى إلى مستوى “جرائم حرب”.
بدوره دعا الاتحاد الأوروبي السلطات الى التحرك “بشكل عاجل ” لخفض التوتر في القدس .
وقال المتحدث باسم الاتحاد في بيان إن “العنف والتحريض غير مقبولين “، مضيفا أن ” الاتحاد الأوروبي يدعو السلطات إلى التحرك بشكل عاجل لخفض التوتر الحالي في القدس “.
من جهته، أعرب الممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة ميغيل موراتينوس، عن ” استيائه وقلقه العميق ” إزاء الاشتباكات العنيفة الأخيرة في المسجد الأقصى ومحيطه ، داعيا إلى احترام حرمة الأماكن الدينية وحق المصلين في ممارسة شعائرهم وتقاليدهم الدينية بسلام وأمان دون خوف أو ترهيب.
كما ناشد الممثل السامي لتحالف الحضارات الالتزام بالسلام واحترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس الشرقية .
مبعوثو اللجنة الرباعية للشرق الأوسط من الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة ، عبروا بدورهم ، عن ” قلقهم العميق ” إزاء الاشتباكات وأعمال العنف اليومية في القدس الشرقية .
وأكدوا معارضتهم لعمليات طرد محتملة لأسر فلسطينية من منازل عاشت فيها لأجيال في حي الشيخ جراح وسلوان بالقدس الشرقية، قائلين إن هذه الاجراءات الاحادية لن تؤدي سوى إلى تصعيد البيئة المتوترة أصلا .
نفس الموقف صدر عن البابا فرنسيس الذي دعا إلى إنهاء العنف في القدس، وطالب الأطراف بالبحث عن حلول من أجل احترام الهوية متعددة الثقافات للمدينة المقدسة.
بدورها، أدانت جامعة الدول العربية والاتحاد البرلماني العربي اعتداءات سلطات الاحتلال والمستوطنين على مدينة القدس ومقدساتها.
من جهتها، عبرت المملكة المغربية عن القلق البالغ إزاء الأحداث العنيفة المتواترة في القدس الشريف وفي المسجد الأقصى وما شهدته باحاته من اقتحام وترويع للمصلين الآمنين خلال شهر رمضان المبارك.
وأكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ، في بيان، أن المملكة المغربية التي يرأس عاهلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لجنة القدس ، تعتبر ” هذه الانتهاكات عملا مرفوضا ومن شأنها أن تزيد من حدة التوتر والاحتقان “، مشددة على ضرورة “الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس وحماية الطابع الإسلامي للمدينة وحرمة المسجد الأقصى المبارك “.
وفي ظل استمرار تصاعد التوتر تتواصل التحركات الدولية الإقليمية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى وضد المقدسيين في القدس الشرقية المحتلة، وأعلنت في هذا السياق جامعة الدول العربية عن عقد دورة غير عادية على المستوى الوزاري، لبحث التحرك العربي والدولي لمواجهة الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على حياة ومقدسات وممتلكات الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة.
كما يعقد البرلمان العربي ومنظمة التعاون الإسلامي اجتماعين طارئين يومي الثلاثاء والأربعاء على التوالي، لبحث الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في مدينة القدس .
كما تقدمت تونس العضو العربي بمجلس الأمن بطلب لعقد اجتماع لمجلس الأمن اليوم ، لبحث انتهاكات إسرائيل في القدس والمسجد الأقصى واعتداءاتها على الفلسطينيين وإصرارها على سياساتها التوسعية من مخططات استيطانية وهدم وانتزاع للبيوت ، وتهجير للعائلات الفلسطينية وقضم للأراضي وطمس للهوية التاريخية والحضارية للمدينة المقدسة .
وفي سياق الأحداث التي تشهدها المدينة المقدسة ربط محللون في الصحف الإسرائيلية، الصادرة أمس الأحد، بين الأحداث التي شهدتها مدينة القدس المحتلة خلال الأيام الماضية ، وبين الأزمة السياسية وعدم القدرة على تشكيل حكومة إسرائيلية حتى الآن ، قائلين إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى تخطي أزمته عبر تفجير الأحداث في القدس
ووجه قسم من المحللين انتقادات إلى عدوانية الشرطة الإسرائيلية ضد المقدسيين واعتراض حافلات المصلين المتوجهين إلى المسجد الأقصى.