أحداث سوس
اكد المندوب العام لادارة السجون واعادة الادماج أن برنامج الجامعة في السجون الذي يتم تنظيمه منذ 2016 مرتين في السنة في إطار دورتين ربيعية وخريفية ويستهدف أساسا فئة السجناء الجامعيين والحاصلين على شواهد جامعية أصبح مع توالي الدورات أرضية للنقاش والتحليل حول مواضيع تحظى بالأولوية والاهتمام لدى السجناء وتعنيهم كمواطنين يتطلعون من خلال التأهيل بمختلف أشكاله ومجالاته إلى الاندماج الاجتماعي السليم بمقومات المواطن الفاعل والملتزم بالقانون والمساهم في تنمية بلاده.
ولقد تكرس هذا البرنامج مع مرور السنوات منتدى فكريا منفتحا على مختلف فعاليات ومكونات المجتمع وفرصة سانحة للسجناء لإبراز قدراتهم المعرفية وللرقي بمستوى تفاعلهم مع قضاياهم المجتمعية والوطنية وهو ما أهله ليحظى بالرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وذلك انطلاقا من الدورة السادسة حنوا من جلالته على فئة السجناء وحرصا على صون حقوقهم وتتبع أوضاعهم وهي عناية بقدر ما شكلت لنا ولبرنامج الجامعة تشريفا غاليا بقدر ما تزيدنا طموحا في التطور والارتقاء.
ولقد شهد هذا البرنامج تنوعا في المواضيع تتقاطع جميعها مع متطلبات تأهيل السجناء لإعادة الإدماج، وسيتبين لحضراتكم ذلك من خلال بيانها على الشكل التالي:
الدورة الأولى: المواطنة مدخل للاندماج.
الدورة الثانية: تهيىء السجناء للإدماج أي دور للفاعلين المنتخبين.
الدورة الثالثة: أي دور في تحصين الذات وتغذية الروح.
الدورة الرابعة: الصورة السجنية ومفهوم الادماج.
الدورة الخامسة: تقوية القدرات الإبداعية للسجناء رافعة للإدماج.
الدورة السادسة: الحماية الاجتماعية للسجناء: تعزيز ودعامة لبرامج التهييء للإندماج وضمان تحقيق إدماج فعلي وحقيقي.
الدورة السابعة: ظاهرة العود: أية حلول؟
الدورة الثامنة: القيم المجتمعية، وتأهيل النزلاء للإدماج.
واستمرارا في نفس النهج، ارتأت المندوبية العامة اختيار موضوع هاته الدورة حول “آليات إدماج النزلاء في ظل الرؤية التنموية الجديدة”، وذلك اعتبارا لراهنيته وارتباطه بالتحولات الاستراتيجية التي تشهدها المملكة، وخصوصا بعد تقديم ونشر التقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد من طرف اللجنة الخاصة بإعداده والتي بالمناسبة أهنئ رئيسها الحاضر معنا الآن على هذا الإنجاز الهام، وكذا بعد إدماج توجهات هذا النموذج في البرنامج الحكومي للحكومة الجديدة.
لقد حرصت المندوبية العامة على المشاركة في مسلسل مشاورات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد من خلال إعداد ورقة حول “الشأن السجني وسجون الغد”، حيث أحاطت من خلالها اللجنة المذكورة بالمعطيات الخاصة بالمؤسسات السجنية وبواقعها والتحديات المرتبطة بمجال تدبيرها اليومي. كما بسطت تصورها لمستقبل السجون وفق رؤية تستحضر الإمكانيات المادية والبشرية الضرورية والكافية لتدبير هذا القطاع في ارتباط بمتطلبات المقاربة الحقوقية، وسلطت الضوء من جهة أخرى على أهم الإكراهات التي تعيق جهود إصلاح نظام السجون والمرتبطة بطبيعة السياسة الجنائية الحالية وما ينجم عنها من انعكاسات سلبية مباشرة، منها بالأساس إشكالية الاكتظاظ في السجون في ارتباطها بنمط تطبيق مسطرة الاعتقال الاحتياطي والمقتضيات القانونية الخاصة بالعقوبات ذات المدد القصيرة، إضافة إلى عدم إعمال عقوبات بديلة.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات والاكراهات كلها، ركزت المندوبية العامة في إسهامها في بناء النموذج الجديد للتنمية على المحاور التالية:
مكافحة الجريمة لوقف الارتفاع المستمر في عدد السجناء؛
تكثيف الجهود للتصدي للاكتظاظ بالسجون؛
اعتماد حكامة سجنية تستند إلى توسيع صلاحيات قطاع إدارة السجون على مستوى التسيير بما يكفل لديه الاستقلالية في اتخاذ القرارات؛
توفير موارد مالية إضافية لتمويل مشاريع قطاع السجون؛
تعزيز الموارد البشرية من حيث العدد والكفاءة وتحسين وضعيتهم المادية؛
أنسنة الفضاء السجني والتهيئ لإعادة الإدماج خلال فترة الاعتقال؛
دعم الرعاية اللاحقة باعتبارها مسؤولية مشتركة؛
الارتقاء بالبحث العلمي في مجال السجون؛
تحفيز المجتمع المدني على المشاركة في عملية إدماج المعتقلين؛
بناء سجون منتجة تساهم في إنتاج الثروة وتنفيذ الاستراتيجية التنموية الوطنية وتنفتح على محيطها الاقتصادي وتجلب بذلك المستثمرين إليها.
ومن شأن التوجه الخاص بهذا المحور الأخير أن يفتح أوراشا تأهيلية إدماجية ببعد إنتاجي، وأن يجعل من السجناء مواطنين منتجين لا مستهلكين فقط. كما سيتيح هذا الورش حفظ كرامتهم من خلال إعطائهم فرصة حقيقية كمؤثرين في مسار تنمية بلدهم ومحيطهم ومحو الصورة المترسخة من كونهم مجرد مواطنين مستهلكين وعبئا على المجتمع، وكذا تمكين المؤسسات السجنية من اعتمادات مالية إضافية مترتبة عن الشراكة مع القطاع الخاص، تخفف العبء على ميزانية الدولة وتساهم في تجويد الخدمات المقدمة لنزلاء المؤسسات السجنية.
حضرات السيدات والسادة؛
إن تحقيق الطموحات التنموية المنشودة لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال إشراك كل فئات المجتمع المغربي، بما فيها فئة نزلاء المؤسسات السجنية، بالنظر إلى كونهم مواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم بغض النظر عن الأحكام القضائية الصادرة في حقهم، وهو ما يتجسد في العناية السامية التي يحرص جلالته على إحاطتهم بها منذ توليه عرش أسلافه الميامين.
وتجدر الإشارة إلى أن استشارات اللجنة شملت أيضا نزلاء المؤسسات السجنية، حيث تم تمكينهم من المشاركة كتابة في التفكير حول هذا الورش الوطني على غرار مشاركة باقي فئات المجتمع من خلال جملة من المواضيع حول تصورهم لمغرب الغد. وقد عرفت هاته العملية مشاركة مكثفة لمختلف مكونات الساكنة السجنية من نزلاء الحق العام ونزلاء قضايا التطرف والإرهاب وغيرهم من الجنسين ومن جميع الفئات العمرية والمستويات الدراسية. وقد تم إحالة مساهمات السجناء على لجنة النموذج التنموي وكانت محل عدد خاص من مجلة دفاتر السجين.
حضرات السيدات والسادة،
تتناول هاته الدورة من فعاليات الجامعة موضوع ” آليات إدماج النزلاء في ظل الرؤية التنموية الجديدة” من خلال ثلاث جلسات. تسلط الجلسة الأولى الضوء على نزلاء المؤسسات السجنية كرأسمال بشري غني من شأنه الإسهام الفاعل في التنمية الوطنية، في حين تطرح الجلسة الثانية الإنتظارات والآمال التي يعلقها نزلاء المؤسسات السجنية على النموذج التنموي الجديد، وذلك كما سيعبرون عنها خلال تدخلاتهم فيها. أما الجلسة الثالثة فتتناول مسعى المندوبية العامة الى جعل المؤسسات السجنية فضاءات منتجة، وهو المسعى الذي تتقاسمه مع النزلاء ومع كل الفاعلين والمتدخلين. وسيقوم بتأطير مختلف هاته الجلسات ممثلون عن القطاعات الحكومية وغير الحكومية وخبراء في علم الاجتماع والاقتصاد إضافة إلى النزلاء، كما سيتابع فعاليات الجامعة عن بعد نزلاء المؤسسات السجنية.
حضرات السيدات والسادة؛
في الختام أجدد شكري الخالص إلى السيدات والسادة الحاضرين معنا على تلبية الدعوة إلى هذه الدورة من برنامج الجامعة في السجون وعلى دعمهم المتواصل لكل البرامج التأهيلية التي تنفذها المندوبية العامة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية وعلى انخراطهم الفعلي والفعال من أجل إنجاحها.