أحداث سوس
فتح القضاء في وقت وجيز خلال الأيام القليلة الماضية عدة ملفات فساد مالي، أسقطت رؤوسا معروفة في السياسة والمجتمع والاقتصاد والأمن، في مقدمتهم برلمانيين من أحزاب كبيرة ومسؤولون بمؤسسات بنكية، إلى جانب مسؤولين بمؤسسات عمومية ومنتخبة، ومسؤولين أمنيين.
ويتعلق الأمر بملفات تضم تهما تتوزع ما بين جناية الاتجار بالبشر وصفقات عمومية مشبوهة، علاوة على النصب والاحتيال وتبديد واختلاس أموال عمومية والارتشاء وغيرها من التهم.
برلمانيون وبنكيون أمام القضاء
تتابع غرفة الجنايات الابتدائية لجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس، البرلماني ورئيس جماعة أولاد الطيب رشيد الفايق عن حزب التجمع الوطني للأحرار، في ملف يعرف بشبكة “مافيا العقار”، تورط فيها معه مسؤولين من السلطات المحلية.
ويتابع البرلماني الفايق ومن معه، في حالة اعتقال بتهم منها “تكوين عصابة إجرامية لنهب الأموال متخصصة في السطو على الأراضي السلالية، واختلاس أموال عمومية، والتزوير في محررات رسمية واستعمالها من طرف موظف عمومي، والمشاركة في صنع شهادات إدارية تتضمن وقائع غير صحيحة، واستغلال النفوذ، والرشوة، وإصدار سندات طلبات وهمية، والتزوير واستعماله في لوائح التعويضات على التنقلات”.
أما بالدار البيضاء، فملف البرلماني عن دائرة سطات البابور الصغير عن حزب الاتحاد الدستوري ما زال لم يستقر في الغرفة التي ستبث في التهم المنسوبة إليه بمحكمة الاستئناف بالعاصمة الاقتصادية، بعدما قضت المحكمة الزجرية الابتدائية في عين السبع بالحكم عليه خمس سنوات نافذة بتهم تتعلق بالنصب والاحتيال وإصدار شيك بدون رصيد.
ملف برلماني سطات فجر مفاجآت، أبرزها تورط المدير العام لـ”بنك افريقيا” ومتابعته في حالة اعتقال بسجن “عكاشة”، إثر تورطه رفقة البرلماني المذكور في اختلاسات عرفتها المؤسسة البنكية المذكورة، وشمل قرار الاعتقال كذلك موثقا بسطات ومسؤولا سابقا عن مصلحة الزبائن والكمبيالات، ومسؤولا تجاريا في وكالة بنكية “زينيت”، فيما توبعت زوجة المسؤول التجاري في حالة سراح مقابل كفالة مالية بقيمة 300 مليون.
إلى جانب ذلك، قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في 31 مارس المنصرم، بالحبس سنة نافذة في حق البرلماني ورئيس مجلس جماعة الشراط عن حزب التقدم والاشتراكية سعيد الزايدي، وغرامة مالية قدرها 800 ألف درهم، كما حكمت عليه بتعويض مدني قدره 500 ألف درهم، وذلك بتهم تتعلق بالإرتشاء والابتزاز.
“طبيب الفقراء” متهم بالاتجار في البشر
اعتقل نهاية الأسبوع الماضي، أشهر أطباء التجميل في الدار البيضاء المشهور بلقب “طبيب الفقراء” الدكتور الحسن التازي وزوجته وشقيقه، إلى جانب خمس مستخدمين يتابع ثلاثة منهم في حالة سراح. حيث وجه لهم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تهما ثقيلة تتراوح عقوبتها بين 20 و30 سنة سجنا نافذة، مع غرامة من 200 ألف إلى مليونين درهم، في حالة ارتكاب الجريمة ضد قاصر دون 18 سنة، أو ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو مرضه أو إعاقته.
وتضمنت التهم الموجهة للدكتور التازي ومن معه، ارتكاب جناية الاتجار بالبشر باستدراج أشخاص واستغلال حالة ضعفهم وحاجتهم وهشاشتهم لغرض الاستغلال للقيام بأعمال إجرامية من نصب واحتيال على المتبرعين بحسن نية، وذلك بواسطة عصابة إجرامية وعن طريق التعدد والاعتياد وارتكابها ضد قاصرين دون سن 18 سنة يعانون من المرض.
كما تتابعه النيابة العامة من أجل “جنحة الاستفادة من منفعة الأموال المحصل عليها عن طريق ضحايا الاتجار بالبشر مع العلم بجريمة الاتجار بالبشر وجنحة المشاركة في النصب وجنحة المشاركة في تزوير محررات تجارية واستعمالها وفي صنع شواهد تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها”. وهي التهم ذاتها التي يواجهها كل من زوجته مونية بنشقرون وشقيقه عبد الرزاق التازي وباقي المتابعين في الملف، إما بارتكابها أو المساهمة فيها أو المشاركة فيها.
ويواجه المتهمون إضافة إلى ما سبق ذكره، “جنحة ارتكاب “مقدم الخدمات الطبية” غش أو تصريح كاذب بصفته مدير المصحة، وجنحة الزيادة غير المشروعة في الأسعار وجنحة استغلال ضعف المستهلك وجهله وجنحة المشاركة في تسجيل وتوزيع صور أشخاص دون موافقتهم”.
صفقات مشبوهة تورط موظفين عموميين
اعتقل قبل أيام قليلة، 31 متهما في فضيحة “صفقات وزارة الصحة”، يشغل بعضهم العديد من المناصب الإدارية في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بينما يشرف البعض الآخر على تسيير العديد من الشركات التجارية. ويتعلق الأمر بمهندسين في المديرية الجهوية للصحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، وإطارين إداريين بالمديرية ذاتها.
إلى جانب موظف في المديرية الجهوية للصحة ببني ملال خنيفرة، وإطار إداري في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في جهة وجدة أنجاد، وإطار إداري بجرادة؛ إضافة إلى مالكي ثلاث شركات ذات صلة بقطاع الأدوية، دون معرفة أماكن المقراتت، فضلا عن خمس مُسيّري شركات تشتغل في قطاع الأدوية، ومديرا تجاريا في إحدى الشركات الفاعلة في مجال الصحة، ومستخدما بشركة تجارية في قطاع الصحة، ومُعشرا جمركيا بشركة تجارية في الميدان الصحي.
وقررت النيابة العامة بالدار البيضاء متابعة عدد من الموظفين والمسؤولين في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بناء على شكاية سرية تقدم بها الوزير خالد أيت الطالب إلى رئاسة النيابة العامة.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أعلن الأربعاء الماضي، أنه بناء على المعطيات والمعلومات التي تم التوصل بها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص وجود شبهة التلاعب في مجموعة من الصفقات العمومية الخاصة بالمؤسسات التابعة لقطاع الصحة سببت إضرارا بالمال العام، وأمرت
النيابة العامة بناء على ذلك بفتح بحث قضائي قصد القيام بكافة الأبحاث والتحريات اللازمة والاستماع إلى كل الأطراف المعنية بالموضوع.
موظفو الأمن أمام القضاء بسبب “اختلاسات والارتشاء”
استمرارا لضبط كل من تورط في ملفات تتعلق بقضايا تبديد واختلاس أموال عمومية والارتشاء، أحال المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية الخميس 7 أبريل الجاري، على أنظار النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، ثمانية مشتبه فيهم، من بينهم خمسة مسؤولين وأطر يعملون بالمصالح المركزية للأمن الوطني ومندوب لإحدى الشركات الأجنبية، وذلك للاشتباه في تورطهم في قضية تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية، وإفشاء السر المهني، والارتشاء، والتزوير والمشاركة.
ووفق المديرية العامة للأمن الوطني فإن مصالح المديرية كانت قد باشرت عملية افتحاص ومراجعة شاملة لمسطرة إبرام وتنفيذ صفقة عمومية لتوريد معدات لوجيستيكية، وهي العملية التي رصدت مجموعة من الاختلالات والتجاوزات المنسوبة لموظفي الشرطة المشتبه فيهم، وهم على التوالي عميد شرطة إقليمي، وعميد شرطة ممتاز، وقائد هيئة، علاوة على عميد شرطة وضابط أمن.
وأصدر المدير العام للأمن الوطني على ضوء نتائج عملية الافتحاص والتدقيق، قرارا تأديبيا يقضي بالتوقيف المؤقت عن العمل في حق المسؤولين والأطر المشتبه فيهم، بينما باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثا وتحقيقات معمقة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك بعد الاشتباه في قبول هؤلاء المسؤولين والأطر لمنافع مادية ومزايا عينية لتمكين شركة محددة من تنفيذ صفقة عمومية، وإفشاء السر المهني، واستغلال البعض منهم لسيارات المصلحة لقضاء أغراض شخصية، وكذا المشاركة في تبديد واختلاس أموال عمومية.
وأخضعت قاضية التحقيق المتهمين للاستنطاق التمهيدي قررت ايداع المتهمين، بمن فيهم الشرطيين الخمسة، في السجن المحلي رهن الاعتقال الاحتياطي، باستثناء زوجة أحد المسؤولين الأمنيين التي تمت متابعتها في حالة سراح واخضاعها لتدابير المراقبة القضائية.