المهدي احجيب
لا يختلف اثنان على أن واقع الملاعب المغربية أصبح يعيش حالة يرتى لها اخدت به التركن في المستعجلات طالبا يد مساعدة تخرجه من مأزق ظل فيه منذ سنوات فقد أصبح سوء حالة ارضية الملاعب الكروية ازمة متكررة في كل موسم، وعرضاً مستمرّاً، يعاني منه الجميع من لاعبين وحكام وأجهزة فنية وأيضا جماهير ومشاهدين و ايضا متابعين للساحرة المستديرة ، اذ الحالة الأكثر من أسوء التي اصبحت فيها الملاعب تهدّد مستقبل اللاعبين، نتيجة تعرّضهم للإصابات الخطيرة بسبب عدم مطابقة بعض الملاعب المعايير الفنية في الوقت الذي تشهد الملاعب في جميع دول العالم تطورا هائلا وملاعب سوس ما زالت «محلك سر»…
فبين مرارة الواقع وأمل المستقبل تظل كرة القدم السوسية تتخبط وسط مجموعة من العوائق لعل أبرزها انعدام البنيات التحتية فقد أضحت في الآونة الأخيرة تعاني الأمرين بشأن ظاهرة انقراض المركبات الرياضية و غياب الملاعب الكروية بسبب “الزحف الإسمنتي” لمعظم المساحات الفارغة التي كانت بالأمس القريب فضاء خصبا للمواهب الصاعدة لإبراز قدراتها وإمكانياتها الفنية، لذا يعتبر جل الخبراء والمهتمين بكرة القدم المغربية عامة و السوسية على وجه الخصوص ظاهرة الإجهاز على ملاعب الأحياء والمركبات الرياضية بمثابة الموت السريري للعبة ببلدنا.
والحال ان هناك جزء أساسي لمشاكل كرة القدم السوسية يعود إلى غياب الاستثمارات الكفيلة بتوفير بنية أساسية حقيقية قادرة على ضمان نهضة كروية؛ فلقد ذهب ذلك الزمن الذي لا تتطلب فيه ممارسة الكرة غير ملابس وبعض الخطوط لرسم حدود الملعب، وإنما أصبح الأمر يتطلب ما هو أكثر من ملعب أصلا.
فحين نتحدث عن بنية تحتية يتعلق الأمر بالملعب بجميع مكوناته من عشب ومدرجات وقاعات تبديل ملابس ومواقف للسيارات وأماكن وتجهيزات نقل المباريات والتعليق عليها، هذا بالإضافة للإنارة وملاعب للتدرب، وهو ما يستوجب إمكانات مادية ضخمة واستثمارات تبدو حكومتنا في الوضع الاقتصادي الحالي غير قادرة على توفيرها؛ فأبسط الأمثلة ملعب تناوت أو ما يلقب عليه ب “سيطامار” ملعب بوجوه عدة فمرة تجد فرق منتمية للهواة تستعد بين احضانه و مرة تجد الفئات العمرية داخله كفريق التعليم و الوداديات و شباب الخيام و اتحاد بوركان و أصدقاء سوس و أمل أكادير … فهو يشبه حكومتنا من حيث مدة العمل ولا يعرف معنى الراحة طيلة أيام الأسبوع .
ويمكن القول ان أسباب عدم نجاح الكرة المغربية وتراجعها على صعيد المنتخبات والاندية، وعدم قدرتها على بلوغ مستوى أرقى والقدرة على المنافسة لغياب مثل هذه التجهيزات، وحتى في حالة القدرة على بنائها يضل أمر صيانتها مكلفا للغاية يتجاوز قدرة المعنيين على توفيرها، فكثير من الملاعب فقدت جزءا كبيرا من مكوناتها بسبب غياب الصيانة وما تتطلبه من متابعة ومصاريف باهظة.
قد لا يكون تعشيب ملعب بالمسألة الصعبة جدا، ولكن غياب اعتمادات الصيانة يجعل من هذا العشب يتآكل بسرعة ويصبح خطرا يهدد اللاعبين بإصابات خطيرة، كما يعيق كل تطور في مستوى اللاعبين، فأبسط مبادئ كرة القدم المتمثلة في السيطرة على الكرة وتمريرها تصبح غير ممكنة في حالة وجود عشب متآكل تكثر فيه الحفر.
كما أن محدودية الملاعب المعشبة ذاتها وغياب الإنارة يجعل من التدرب خاصة للفئات الشابة شبه مستحيل، فيتقاسم أكثر من فريق نفس الملعب ليتدرب على مساحة صغيرة لا تسمح بإنجاز كامل برنامج المدرب، ويغيب بذلك الإعداد السليم للاعب الناشئ.
كما يتعلق ضعف البنية التحتية بغياب شبه كامل للتجهيزات الرياضية التي تسمح بإنجاز تمارين تقوية العضلات والتدليك والإعداد البدني، وهو ما يعيق تطور اللاعب السوسي.
وليس اللاعب فقط من يعاني من ضعف البنية التحتية، ولكن كذلك الصحفي الرياضي الذي لا يجد مكانا مناسبا ومريحا لإنجاز عمله، فيجد نفسه محشورا بين الجماهير دون أن تتوفر له الشروط الضرورية لإنجاز عمله، بالاضافة لغياب التجهيزات التقنية التي تسمح بتصوير ونقل المباريات بشكل جيد.
والجمهور ذاته لا يقل عناء بسبب غياب كل أسباب الراحة من مقاعد ومظلات وغيرها التي يمكن أن تشجع الجمهور على حضور المباريات، فنجده يعاني في الصيف من لهيب الشمس الحارقة وفي الشتاء من الأمطار والبرد.
وفي ظل عدم قدرة الحكومة والجهات المعنية على توفير هذه الاستثمارات، فإن اللجوء الى المساعدات الخارجية هي العامل الحاسم في تطوير البنية الرياضية ا والمتمثلة خاصة في المساعدات والمنح لتطوير البنية التحتية.