تكريما لإرثه الشعري الملهم دائما ومنجزه الثقافي الفذ، احتفى معرض الكتاب بالبيضاء بذاكرة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، حيث جمعت قاعة خوان غويتيسولو بالمعرض، عددا من رفاقه وأصدقائه، الذين تقاسموا مع الحضور تجارب ولحظات شاركوها مع الراحل.
يحيى يخلف، الكاتب والروائي الفلسطيني، استهل حديثه عن درويش، بوصفه قامة كبيرة ومن الرواد الذين صنعوا فلسطين إلى جانب ناجي العلي وإسماعيل شنبوط وآخرين، مضيفا أنه من أجمل الفصول في تاريخ الثقافة الفلسطينية.
وأضاف صديقُ درويِش، أن هذا الأخير يمثل “قوة ناعمة له ودور ريادي، في الدفاع عن القضية الفلسطينية، من خلال إسهامه في صناعة الوطنية الفسلطينية، وتألق داخل التجديد والحداثة وطور القضية العربية والإنسانية لا الفلسطينية فقط”.
واعتبر الكاتب الفلسطيني، أن درويش ، مثّل قوة الثقافة في السياسة، غير أنه قليلون فقط من يعرفون قوته السياسية، حيث ساهم مثلا في كلمة ياسر عرفات الشهيرة بخطاب “غصن الزيتون والبندقية”، داخل الأمم المتحدة، والتي تمثل حسب يخلف أهم نص بالأدبيات السياسية الفلسطينية”.
وفي ختام حديثه عن ذكرى الأسطورة الفلسطينية، قال يخلف إن درويش، لم يتكئ على القضية الفلسطينية بل رفعها، واصفا إياه بـ”الغزال الذي يسكنه الزلزال”.
من جهته، اعتبر الشاعر المغربي، حسن نجمي، أن صاحب الظل العالي،” يعد إلى جوار مثقفين آخرين من أركان التجربة الثقافية في المسار الثقافي العربي بجوار أدباء وشعراء آخرين، كما أنه لم يكن من أقطاب الشعر الفلسطيني العربي فقط، بل شاعر بأفق كوني إنساني”.
وتحدث نجمي عن “درويش المغربي”، وإسهامه الكبير في بيت الشعر المغربي حيث يعد من مؤسسيه، ذلك أنه ساعد في توجيه المشرفين عليه والانصات إليهم، كما كان في اللائحة الشرفية لمثقفي هذه الهيأة الشعرية”، معدددا المناسبات الثقافية التي حضر فيها إلى المغرب.
واعتبر نجمي أنه اكتشف من خلال العلاقة التي جمعته بدرويش، حسه الإنساني المرهف وتواضعه الكبير، قائلا “كان حريصا على التعلم من الكبار والصغار، ولم يقل يوما إنه وصل إلى الكمال، كما أنه كان “دائم الإطلاع على أعمال الشعراء الشباب، حتى لا يصاب بشيخوخة شعرية، حسب تعبيره”.
وأفاد الشاعر المغربي، أن التجربة الشعرية لمحمود، شأنها شأن شخصيته، طورتها المنافي مقدما المثال برفيق دربه سميح قاسم الذي لم يعش نفس التجربة، وظل انتشاره محدودا، واعتبر أن درويش، حريص على الانصات للخبرات الجمالية الشعرية الإنسانية، وظل دائما يطور أسلوبيته ولغته، وشكل معجما شعريا خاصا، استقاه من جغرافيا فلسطين، حيث أن الآثار التي حاول المحتل محوها حملها إلى قصيدته.
في ختام حديثه، قال نجمي إن درويش، كان يكره أن يُمدح أو أن يقال إن رصيده النضالي وكونه فلسطينيا فقط وهو ماصنعه بل إن قيمته الرمزية تتمثل في اشتغاله وبذله مجهودا في شعره وقصيدته.