العيون / المحجوب السكراني
هو شاب جمعوي حتى النخاع، لم يتجاوز بعد السادسة والعشرين من عمره، ملامح وجهه توحي بالجدية و الطموح، يبدو خجولا، و لكنه محب للاستطلاع، فتراه مصغيا بتركيز حين يحتد النقاش بين مجموعة ما ، وقلما يتدخل الاحين يطلب منه ذلك. إنسان حين تلتقي به لأول مرة يتضح لك في محياه عنوان العفوية والتواضع …إنه ” الخزرج عماش ” ذلك الطالب الجامعي الذي زعزعت فكرته مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا . فكرة بسيطة عبارة عن مجرد اقتراح نشره في صفحة فيسبوكية مفادها بالحرف [ …يجب أن لقوم بمبادرة ونبحث عن أساتذتنا القدامى ونعمل على تكريمهم لأنهم يستحقون جزاهم الله خيرا]… فكان ذلك بمثابة شرارة أوقدت نار الحماس في نفوس الشباب الذين تفاعلوا معها في الحين ، ليتمخض عن ذلك اقتراح ثان يتعلق بإنشاء جمعية اختير لها اسم ” الوفاء ” فلقي استحسانا كبيرا وصل صداه الى تلاميذ إعدادية التعاون القدامى القاطنين داخل خارج الوطن …وبالفعل تجسد ت الفكرة على أرض الواقع فتتالت الاجتماعات التي أسفرت عن عقد لقاء تواصلي بينهم لأجل التعارف ووضع برنامج عملي ، كانت أبرز نقطة فيه هي تنظيم حفل تكريم الأساتذة الذين عملوا بالمؤسسة منذ افتتاحها في منتصف الثمانينات …وفي وقت قياسي لا يتعدى أربعة أشهر تحقق الهدف الذي كان يبدو في البداية مستحيلا. فغذا بعشرات اساتذة وتلاميذ القرن الماضي يتقاطرون على المدينة من كل صوب وحدب كالنحل حين يشتاق لخليته ، فاجتمعوا كأسرة واحدة بعد فراق دام ثلاثة عقود . لقاء أذرفت فيه دموع الفرح بصلة الرحم ، ودموع الحزن على من غيبتهم الأقدار … انه لقاء الأصدقاء والزملاء بل لقاء الآباء مع الأبناء بعد طول الغياب. و لحظة فيها من الوفاء ما روى الأحاسيس ، حيث رسمت أحداثها في لوحة ربيع العمر، وفرحت القلوب،. وتناثرت فيها أجمل الكلمات، وأرق التراحيب، واستعيدت ذكريات الشغب والطباشير والفروض الى جانب الارشاد والتوجيه والنصح لقاء بعث في القلوب ضياءها، رسم البسمة على الشفاه ، والفضل كل الفضل يعود لأولئك الأبطال الذين تبنوا الفكرة وتحدوا كل العراقيل بفضل عزيمتهم وصفاء طويتهم ، الأمر هنا يتعلق بكافة أعضاء “جمعية الوفاء لقدماء إعدادية التعاون” دون استثناء، وفي مقدمتهم الرئيسة “ميلودة عزيماني” …أبطال وعدوا فأوفوا ، وعليهم ينطبق قول الشاعر علال الفاسي :
كل صعب على الشباب يهون ***هكذا همة الرجال تكون
قدم في الثرى وفوق الثريــــا***همة قدرها هناك مكيـــن
قد حسبناهم رجالا فكانوا *** ولهم في الحياة مغزى ثمين.