بعد معاناة طويلة مع المرض، أسلم الزعيم الاتحادي وقائد حكومة التناوب عبد الرحمان اليوسفي روحه لبارئها في الساعات الأولى من صباح يومه الجمعة عن سن يناهز 96 سنة، وذلك بعد أن تم نقله إلى مستشفى الشيخ خليفة بمدينة الدار البيضاء يوم الأحد الماضي إثر تدهور صحته.
الراحل، هو من ابن مدينة طنجة، نشأ في أسرة وصفها في مذكراته “أحاديث فيما جرى” بالبيئة الموسومة بالتنوع والألفة، كما حرص والديه ومعلميه على تربيته على احترام حقوق الغير والدفاع عليها، وهو ما جعل منه أحد أبرز رموز عالم السياسة في المغرب الذين ناضلوا من أجل مغرب مستقل، ودافعوا عن قيم الديمقراطية.
اليوسفي التحق بصفوف الحركة الوطنية عندما كان تلميذا بثانوية مولاي يوسف بالرباط، كما كان عضوا بالأمانة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي تحول إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975، إلى جانب توليه رئاسة تحرير لسان الحزب جريدة “التحرير.
الزعيم الاتحادي كان واحدا من رجالات الدولة المغربية الذين كان لهم إسهام كبير في شؤون الحكم والمعارضة، حيث كان يعتبر أحد أعمدة اليسار في المغرب، قبل أن يكلفه جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني بتشكيل حكومة التناوب سنة 1998 بعد عودته من المنفى بفرنسا، وهي التجربة التي ولدت من “خضم الصراع”.
في هذا الإطار وصفه الأستاذ الجامعي والوزير السابق في حكومة التناوب عبد الله ساعف بأنه كان نموذجا لتدبير الخلافات خلال حكومة التناوب معتمدا في ذلك على مفاتيح النزاهة الأخلاقية، الفكرية، والنزاهة السلوكية مع الجميع، مضيفا :” كان نموذجا للالتزام، كان أول من يحضر الاجتماعات وآخر من يغادرها، ولا يغادر كرسي رئاسة الحكومة إلا بعد نهاية الاجتماع طوال سنوات رئاسة للحكومة”.
بعد وفاة الملك الحسن الثاني احتفظ به صاحب الجلالة الملك محمد السادس على رأس الحكومة، وخصه بتكريم خاص. وأعيد تعيينه وزيرا أول في الحكومة التي تم تشكيلها في 6 شتنبر 2000، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى غاية 9 أكتوبر 2002.