أكد التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي على أن أزمـة كوفيـد-19 أثرت علـى مـوارد الدولـة وعلـى طبيعـة النفقـات العموميـة ذات الطابـع الاسـتعجالي، كما بينت “بشــكل واضــح مــدى ارتبــاط نجاح النمــوذج التنمــوي الجديــد، قبــل كل شــيء، باعتمــاد اســتراتيجية ملائمـة للتمويـل”.
وأشار ذات التقرير، الذي قدمه رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي شكيب بنموسى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم الثلاثاء إلى أن “الإصلاحـات المهيكلـة التـي يتطلبهـا النمـوذج التنمـوي الجديـد سـوف تخلق قيمــة مضافــة وعائــد اســتثمار مرتفــع، كمــا أنهــا ستســمح بضمــان اســتدامة تمويــل النمــوذج علــى المــدى الزمنــي وخصوصــا إذا تمــت عبــر مراحــل متناســقة مــن خــال إعطــاء الأولويــة للإصلاحــات ذات الأثــر الكبيــر والسـريع ممـا يتيـح إمكانيـة التمويـل الذاتـي لـأوراش بعيـدة الأمـد والتـي تسـتلزم ميزانيـات مهمـة وبشـكل تواتـري”.
وبخصوص الإصلاحات المتعلقة بالرأسـمال البشـري والحمايـة الاجتماعيـة، اقترحت اللجنة “تعبئة المـوارد عـن طريـق اللجـوء إلـى سـوق الرسـاميل وتعبئـة الشـركاء والمانحيـن الدولييـن، شـريطة أن يكـون مسـار التنميـة المقتـرح ذا مصداقيـة ويتـم توجيـه المـوارد المعبئـة خصيصـا للمشـاريع التحوليـة التـي بإمكانهـا تسـريع النمـو الاقتصـادي ودعـم الاسـتقرار الاجتماعـي”.
وفيما يتعلق بمشـاريع التنميـة الاقتصاديـة والبنيـات التحتيـة، أكدت اللجنة أنه “سـيكون مـن الأجـدر تعبئـة مـوارد إضافيـة عـن طريـق جـذب المسـتثمرين المحلييـن والأجانـب سـواء المؤسسـاتيين أو الخـواص الراغبيـن فـي الاسـتثمار فـي قطاعــات المســتقبل ذات المردوديــة المرتفعــة”.
وأشارت اللجنة إلى أن تعبئــة هــذه المــوارد التــي ســتمكن مــن ترشــيد وتوزيــع المـوارد الماليـة العموميـة تتطلـب “خلـق فضـاء مـن أجـل الاسـتثمار فـي إطـار شـراكة مـا بيـن القطـاع العـام والخـاص والاسـتثمارات الأجنبيـة المباشـرة، ويفتـرض ذلـك تحديـد وتهيئـة حزمـة مشـاريع قابلـة للتمويـل.”
هذا ودعت اللجنة إلى ضـرورة “تسـريع ورش مراجعـة سياسـة المسـاهمات الماليـة للدولـة مـن خـلال إرسـاء الوكالــة الوطنيــة للتدبيــر الاســتراتيجي لمســاهمات الدولــة وإعــادة هيكلــة بعــض المؤسســات والمقــاولات العموميـة ذات الطابـع التجـاري عبـر تحويلهـا إلـى شـركات مجهولـة الاسـم والتثميـن الأمثـل لأصولهـا وفتـح رأسـمالها للمسـاهمات العامـة مـن أجـل مواكبـة تطويرهـا، كلمـا كان ذلـك ممكنـا”.
وأكدت اللجنة على أنه “مـن اللازم أن يتـم إطـلاق هــذا الــورش بالتزامــن مــع القيــام ببعــض الإصلاحـات القطاعيــة الرئيســية : الطاقــة، المــاء، اللوجيســتيك، القطـاع المالـي، وذلـك بشـكل يضمـن عـرض خدمـات ذات جـودة للمواطنيـن وبأقـل تكلفـة وتحفيـز تنافسـية النســيج الاقتصــادي.
وأشارت اللجنة إلى أن تفعيـل النمـوذج التنمـوي الجديـد “يسـتدعي قيـادة قـادرة علـى خلـق ظـروف التملـك الجماعـي مـن طـرف كافـة القـوى الحيـة لهـذا النمـوذج وضمـان تتبـع تنفيـذه”، موضحة : “ترتكـز هـذه القيـادة علـى خصوصيـة المغـرب بالنظر إلـى المكانـة المركزيـة للمؤسسـة الملكيـة لكونهـا حاملـة للرؤيـة التنمويـة وللأوراش الاسـتراتيجية ذات البعـد الزمنـي الطويـل وحريصـة علـى تتبعهـا وتنفيذهـا بمـا يضمـن مصلحـة المواطنيـن.”
واقترحت اللجنة آليتين لمواكبة تنزيل النموذج التنموي الجديد “تتمثـل الآلية الأولـى فـي ميثـاق وطنـي للتنميـة يهـدف إلـى تكريـس التـزام كافـة القـوى الحيـة للبلاد اتجـاه أفـق تنمـوي جديـد ومرجعيـة مشـتركة، ثم المقترح الثاني يتمثل فــي إحــداث آليــة، تحــت إشــراف جلالة الملــك، لتتبــع وتحفيــز الأوراش الاسـتراتيجية وقيـادة التغييـر، وسـتمكن هـذه الآليـة مـن تكريـس مسـؤولية الجهــات المعنيــة وتعزيــز الأداء العــام”.