أحداث سوس
“الهاشتاغ” الجديد ” هاشتاغ ” المطالبة بتخفيض أثمنة المحروقات، ينتشر ويتمدد بشكل سريع، نظرا للشروط الموضوعية التي أفرزته، والتي ساهمت في نجاح تقاسمه أكثر.
فأثار الانتباه إليه، وساهم ويساهم في شروع بعض الأقلام والتدوينات المحترمة في تناوله بنوع من التحليل الرصين والإشادة به بشكل صريح أو ضمني، والتنبيه إلى ضرورة التفاعل والتعامل معه بجدية.
لا أحد يمكنه تجاهل أن الانتشار المتنامي لـ “الهاشتاغ” قد جاء بعد محاولات متعددة لإطلاق حملة جديدة من “المقاومة الشعبية الإلكترونية” مشابهة لحملة المقاطعة (الشهيرة) السابقة.
وذلك في محاولات متعددة للتصدي لموجة الغلاء الجديدة الحارقة التي يوجد لبعضها مبررات موضوعية (كتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية…) لكن أغلبها مبررات زائفة تقتات من مخزون الجشع الزائد والتواطؤ الصارخ على القدرة الشرائية لعموم الجماهير الشعبية ببلادنا.
تغيير أساليب المواجهة دليل قوي على حيوية المجتمع، أي مجتمع كان، وعلى قدرة المتضررين الأفراد أو المجموعات أو الفئات الاجتماعية في كافة الواجهات على الإبداع وتنويع أساليب التصدي.
مقولة “لا يمكن السباحة في مياه نفس النهر مرتين” تحتمل الكثير من الصواب، لكنها تحتمل أيضا أن تكون السباحة في نفس الفضاء الذي احتضن أو يحتضن مياهها (الرمزية) ممكنة، ناهيك عن إمكانية محاكاة شبيهاتها التي تسري صوب نفس الاتجاه أو المصب.
4
رد الفعل، الضروري على الفعل أو الوضع “غير المناسب” سواء كان فرديا أو مجتمعيا أو طبقيا أو عرقيا أو عقائديا أو حتى حضاري قد يتأخر أحيانا وقد يتعثر غالبا أو يتبعثر.. قبل أن يجد منفذه نحو التأثير الملائم.
مبادرات الرد/ المواجهة اللينة أو القوية قد تتطلب أكثر من محاولة غير موفقة حتى تحدث المحاولة المنتظرة، والتي قد تكون غير متوقعة عند إطلاقها أو التفكير فيها، لكنها تصبح أمرا واقعا، ولو بعد حين.
وتقتضي -عندئذ- التدقيق والتأطير الإضافيين اللازمين لتؤدي إلى النتائج المرجوة منها، حتى لا تعاكس منطلقاتها.
مبادرة المطالبة بتخفيض أثمنة المحروقات (لما تشكله المحروقات من أهمية في الدورة الإقتصادية بشكل عام، وما يترتب عن ارتفاع أسعارها من زيادات في مختلف المواد والسلع الأساسية..) يمكن تصنيفها في خندق “المقاومة السلبية” التي تعد “المقاطعة” أو “التخلي” أحد أوجهها البارزة.
وربما تحتاج مستقبلا، وفي ملابسات معينة، إلى ما يسندها لتحقيق أهدافها، بنفس القدر الذي تحتاج إلى من يستمع إليها لتبقى في نفس مستوى “الهدوء” الذي تنتشر به.
“هاشتاغ” تخفيض ثمن المحروقات قد يتمدد ويؤثر أكثر وفي أسوأ الحالات قد ينحسر.. لكنه -وفي كل الأحوال- يؤدي مهمة إثارة الانتباه إلى استياء ونبض “الناس”.. وإلى ضرورة التفاعل مع تذمرهم، حتى وإن كانت موازين القوى تبدو غير مصطفة إلى جانبهم !
على ما يبدو، لا مجال لتجاهل هذا الأمر الآن.. علما أن “التجاهل” في حد ذاته قد يساهم وبشكل مريح في تطوير وسائل أخرى للتصدي .