أحداث سوس
يكاد يمر عام على الدورية التي وجهها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بتاريخ 17 مارس 2022، إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات، يطلب من خلالها تفعيل مسطرة عزل المنتخبين الذين لهم مصالح مع الجماعات أو المقاطعات التي يمثلونها، إما عبر شركات أو جمعيات، سواء قبل انتخابهم واستمرار هذه المصالح أو خلال الولاية الحالية.
وبالرغم من صدور الدورية رقم “1854D”، إلا أن العديد من المنتخبين في مجموعة من الجماعات الترابية مازالوا في حالة تناف مع القانون، رغم علم مصالح العمالات وكذا رؤساء الجماعات، ما يعد “تسترا” منهم على خرق قانوني، وبالتالي دوسا على القانون وضربا للدستور.
وتثير حالة تنازع المصالح بين جماعة ترابية وهيئاتها وعضو من أعضاء مجلسها، إشكالات قانونية، و”تحقيرا” للوثيقة الدستورية والقوانين التنظيمية المتعلقة بـ”الجماعات” و”مجالس العمالات” و”مجالس الجهات”، وغيابا للأخلاق السياسية لدى الفاعل المنتخب، الأمر الذي يستوجب على وزارة الداخلية، ممثلة في مصالحها، وكذا رؤساء الجماعات، الانتصار لروح القانون والدستور.
وينص الفصل 36 من الدستور على أنه “يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات الطابع المالي”.
ويتلكأ بعض رؤساء الجماعات الترابية في تفعيل المساطر القانونية في حق المستشارين الذين يوجدون في حالة تنازع للمصالح، وذلك مخافة تعرض تحالفاتهم للانهيار جراء اللجوء إلى القضاء الإداري ضدهم.
بالنسبة لعبد المالك أحزرير، فإن الأمر يتطلب أخلاقيات أكثر مما يتعلق بقانون، مفسرا ذلك بكون كل ما هو ترابي أصعب مما هو مركزي، قائلا: “من السهولة أن نؤثث ونمأسس للمركز، لكن فيما يتعلق بالترابي فهو المشكل، على اعتبار أنه هو القرب للمجتمع، وهذا الأخير بغض النظر عما يراه رجال القانون على أن المجتمع هادئ وهناك ضبط اجتماعي له، ففي علم السياسة وعلم المجتمع، فهو في حد ذاته تنازعي، تنازع على المصالح”.
وسجل أحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن “دراسة النخب منذ تجربة 1960 مرورا بالميثاق الجماعي وإصلاح 2002 وإصلاح 2008، يمكن القول بأنها تعرف دينامية ديمو-دستورية، لكن على مستوى الواقع والأرض، هناك تفاعلات أخرى، حيث يكون المنتخب منتخبا للحفاظ والدفاع على مصالحه، وهذا من طبيعة البشر”.
واعتبر المحلل السياسي ذاته أن “وقف تنازع المصالح، يقتضي أن تكون هناك أخلاقيات وثقافة سياسية، أكثر مما هو مسألة قانون”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن بالنصوص وحدها أن تخلق المعجزات في المجال التنمية”.
وشدد أيضا على أن “ذلك يحتاج إلى نخبة مستنيرة، تتعهد بتقسيم وتوزيع الثراء في إطار ضمان الرفاه الاجتماعي الذي يشكل الرهان الأساسي الذي تحرص عليه المؤسسات، سواء كانت وطنية أو ترابية”.
وكانت وزارة الداخلية أكدت في مذكرتها المشار إليها أن كل منتخب ثبت في حقه إخلال بالمقتضيات المنصوص عليها، بكيفية صريحة وواضحة، من خلال ربطه مصالح خاصة مع جماعته الترابية أو هيئاتها أو ممارسته أي نشاط كيفما كان ينتج عنه بصفة عامة تنازع المصالح، بصفته شخصا ذاتيا أو كعضو في الهيئات التسييرية لأشخاص معنويين (شركات أو جمعيات)، فإنه يتعين الحرص على ترتيب الآثار القانونية التي تقتضيها هذه الوضعية، وذلك من خلال مباشرة الإجراءات القانونية المتعلقة بعزل المنتخبين التي تم توضيحها بشكل دقيق بدورية عدد “D1750” بتاريخ 14 يناير 2022.