أحداث سوس
لا تتوفر أرقام وبيانات موضوعية، لكن الواقع “أثبت” أن سنة 2023 كانت تبدو الأكثر إقبالا على النقل عبر التطبيقات الذكية، التي دخلت السوق المغربية في السنوات الأخيرة ووجدت فيها سيارات خاصة “غير مرخصة للنقل العمومي والجماعي” فرصة لمحاربة البطالة أو لتحقيق مداخيل إضافية، الأمر الذي رفع مطالب بتقنينها من خلال صياغة مدونة جديدة وجامعة للنقل.
لكن، يظهر أن مطلب المهنيين و”السائقين الخواص” يصطدم مرة أخرى بـ”غياب الإرادة السياسية لدى وزارة النقل واللوجستيك، التي من صلاحياتها صياغة مقترح قانون للنقل بإشراك المهنيين والقطاعات الوزارية الأخرى المرتبطة بهذا الموضوع، لا سيما وزارة الداخلية”، وهو ما أهدر سنة أخرى بدون أي جديد بخصوص “الحق في التنقل”، الذي صار “يعرف تعثرا داخل المدن بسبب سلوك سائقي سيارات الأجرة”، وفق مواطنين.
“وزارة بدون إرادة”
مصطفى شعون، الأمين العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، تأسف لكون “وزارة النقل واللوجستيك تضيع سنة أخرى دون أن تعمل على تنزيل مخرجات الحوارات التي دارت بين الوزارة والمهنيين”، مؤكدا أن “المخاطب اليوم هو الملك، بعدما اتضح أن هناك غيابا للإرادة السياسية لدى الوزير والحكومة، وبالتالي ننتظر أن تأتي المبادرة من رئيس الدولة لأجل فتح حوار وطني أو مناظرة وطنية تهم القطاع للقطع مع كل الممارسات السابقة”.
وأفاد شعون، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “تنظيم النقل عبر التطبيقات مثلما هو معمول به في أوروبا مازال متأخرا، ونحن نهدر سنة أخرى من النقاش، ولكن يبدو أن من المستحيل أن نفتح الباب للخواص، لكون تأهيل القطاع لا بد أن يكون بإشراك المهنيين”، موضحا أن “الوزارة الوصية، بالتنسيق مع الوزارات الأخرى المعنية، عليها أن تسرع إخراج مدونة للنقل، تكون جامعة للنقل الطرقي بكل أنماطه”.
وأورد المتحدث ذاته أن “وزارة الداخلية بدورها معنية لكونها هي من تدبر قطاع سيارات الأجرة، لكن المدونة من المفروض أن تصوغها وزارة النقل وأن تكون واضحة وشاملة تبرز الحقوق والواجبات”، لافتا إلى أن “وزارة النقل واللوجستيك تنهي سنة أخرى اليوم بدون أي جديد، وبدون تنظيم حقيقي للقطاع، بشكل يكون مؤهلا؛ فهي لم تلتزم بتوفير الحماية الاجتماعية للسائقين المهنيين والتغطية الصحية التي كانت من ضمن النقاط المتفق عليها مع الوزارة”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “المواطن المغربي صار يبحث عن الجودة في النقل، وتنظيم النقل عبر التطبيقات لا يمكن ضمان نجاحه إلا بفتح الباب أمام المهنيين أو جعل التطبيقات مثل أوروبا وغيرها، بمعنى أن السائق يكون خاضعا لدفتر تحملات ولقوانين معمول بها”، مواصلا بأن “الطاكسيات وجدت صعوبة عملية في ولوج التطبيقات، التي سمحت السلطات بدخولها خصيصا لها في الوقت الحالي، نظرا لاستمرار فرض ما يسمى بالروسيطا”.
وسجل النقابي عينه أن “التحديات التي تفرضها التحولات المتسارعة داخل المجتمع المغربي كانت بحاجة فقط إلى إصلاح للحسم مع المأذونيات ووضع تصور جديد لسيارة الأجرة”، منبها إلى أن “قطاع النقل منظم بظهير، وهو ما يجعل الحاجة قائمة لاجتماع وزاري يترأسه الملك ويعطي التوجهات الكبرى والحكومة تشتغل على تنزيل المخرجات من خلال فتح حوار وطني، لكون الرهانات والمشاريع التي نحن مقبلون عليها تحتاج إلى ثورة حقيقية في القطاع، ضيعناها في هذه السنة، ونرجو ألا تضيع السنة المقبلة”.
“سائقون ينتظرون”
محمد السليماني، سائق عبر أحد التطبيقات الذكية بالعاصمة الرباط، اعتبر أن “الوضع الذي يشتغل فيه السائقون صار في حاجة حقيقية إلى أن يتم تقنينه وتنظيمه”، مشيرا إلى أن “العديد من المواطنين صاروا يُقبلون بشكل لافت على هذا النوع من النقل، لكونه قدم تسهيلات كبيرة، وشجب العديد من الممارسات والابتزازات التي يقوم بها بعض سائقي سيارات الأجرة، والتي كانت دائما تُغضب المواطنين، الذين لجؤوا بسرعة إلى هذه التطبيقات”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس بخصوص كون نقل الخواص بعد التقنين سيشكل نوعا من الفوضى، قال السليماني إن “الدول الغربية سبقتنا في هذا المشروع، وبالتالي يمكن استلهام هذه التجارب وملاءمتها مع خصوصيتنا”، مؤكدا أن “التقنين، الذي كنا نأمل أن يتم هذه السنة، سيدمج السائقين السابقين، ويجعلهم مهنيين، وتوضع علامة الشركة فوق السيارة مثلما هو الأمر في العديد من البلدان، بمعنى ستكون العربة موجهة للنقل، وتتضمن بيانات السائق”.
من جهته، أورد عادل المختاري، أحد السائقين بمدينة مراكش، أن “التقنين سيمنح الأولوية للممارسين سابقا في إطار النقل عبر التطبيقات، لكونهم راكموا نوعا من التجربة والخبرة، فهناك من يشتغل منذ دخول التطبيقات إلى المغرب ومازال يواصل عمله رغم الصعوبات والإكراهات”، موضحا أن “الدولة لوحت بتنظيم هذا النقل لكي لا يبقى حكرا على سيارات الأجرة، لكن الالتزام بذلك ما يزال متأخرا ومتعثرا، رغم حجم الانتظار الكبير”.
وخلص المختاري إلى أن “سنة 2024 ستكون حاسمة في مسار تنظيم هذا القطاع بشكل شمولي واستراتيجي، وإلا سنواصل محنة العديد من السائقين الذين يشتغلون في ظروف سرية وغير مهيكلة، في وقت صارت فيه الفرص تنحسر وتقل”، لافتا الانتباه إلى أن “الجهات الوصية على القطاع تعي جيدا أهميته، فهو المستقبل، والعديد من الأجانب يستعملون التطبيق وحين نخبرهم بأن هذا النقل غير مرخص بالمغرب يستغربون”.