أحداث سوس
لا يزال النقاش محتدما حول الحملة التي تقودها السلطات بجهة سوس ماسة ضد احتلال الملك العمومي البحري؛ ذلك أن السلطات الولائية للجهة أعطت الضوء الأخضر، خلال الأسبوع الماضي، من أجل هدم القرى البحرية الموجودة على مستوى ساحل منطقة “إمسوان”، مانحة بذلك 24 ساعة للمعنيين قصد تنفيذ قرار الإفراغ.
وليست هذه الإجراءات إلا امتدادا لـ”حملة شاملة” باشرتها السلطات ضد هذه القرى التي تم بناؤها على مستوى السواحل و”بدون تراخيص”. وبدأ الأمر بهدم قرية “تيفنيت” للصيادين بإقليم اشتوكة أيت باها، خلال أواخر دجنبر الماضي، تلته إجراءات مماثلة على مستوى شاطئ سيدي الطوال بذات الإقليم؛ فيما من المنتظر أن تشمل الإجراءات عينها شواطئ أخرى بالجهة في وضعية مماثلة.
وعلى هذا المستوى، دعت عريضة افتراضية تحمل عنوان “Sauvez grotte” إلى “وقف خطط تدمير الكهوف الموجودة على الساحل الأطلسي ما بين أكادير وسيدي إفني”، معتبرة أن “هذه الكهوف الفريدة تمثل تراثا ثقافيا وتاريخيا لا يقدر بثمن، وجب الحفاظ عليه للأجيال المقبلة”.
كما أوضح موقعو العريضة، التي تم إدراجها بالمنصة الدولية للعرائض “شانج”، أن “هذه الكهوف تمثل شهادة على تاريخ المغرب الغني وتنوعه الثقافي، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من قرن من الزمن؛ ذلك أنها كانت بمثابة مساكن ومرافق تخزينٍ ومساحات مشتركة للصيادين والمجتمعات المحلية كذلك”.
وجاء في متن العريضة ذاتها أن “هذه الكهوف الموجودة على مستوى الساحل الأطلسي تتمتع بأهمية سياحية كبيرة؛ بالنظر إلى أنها تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم والساعين إلى استكشاف وتقدير التراث الثقافي والمعماري الفريد الذي تجسده”.
كما سجلت أن “حماية هذه الكهوف البحرية لن يحمي الهوية التاريخية فحسب، وإنما سيسهم في تحقيق النمو المستدام لصناعة السياحة المحلية، اعتبارا لمدى البراعة المعمارية التي تجسدها”، مؤكدة أن “تدمير هذه المنشآت سيشكل خسارة لا يمكن تعويضها لتراثنا الثقافي وحرمان الأجيال المقبلة من الارتباط الملموس بجذورهم”.
وبالمقابل، أوصت العريضة بـ”اتخاذ إجراءات بديلة ستمكن من الحفاظ على الكهوف البحرية واستخدامها بشكل مستدام، داعية الجهات المعنية إلى إجراء دراسة شاملة لتقييم الأهمية التاريخية والمعمارية لهذه المنشآت، مع إشراك المجتمعات المحلية وخبراء التراث ونشطاء البيئة لصياغة خطة توازن بين حماية هذه الكهوف واحتياجات المجتمع والبيئة”.
وفي الطرف المقابل، سبق للسلطات، بما فيها المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك بإقليم اشتوكة أيت باها في إعذارها لساكنة شاطئ “تيفنيت”، التأكيد على أن “محاضر المعاينة التي تم إجراؤها بتاريخ 24 نونبر 2023 بيّنت كون الأمر استغلالا للملك العام البحري وبدون أي ترخيص”.
وطالبت السلطات، ضمن الإعذار ذاته، بـ”إزالة هذه المخالفات باعتبارها في حالة احتلال غير قانوني للملك العام، وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه خلال 5 أيام”، مشيرة إلى “احتفاظها بحقها في المتابعة القضائية والمطالبة بالتعويضات عن الاحتلال بدون تراخيص طبقا للقوانين المعمول بها”.