محمد سليماني
أدى ظهور ضيعة فلاحية مخصصة لزراعة البطيخ الأحمر «الدلاح» بنفوذ دائرة أقا بإقليم طاطا، إلى استنفار كبير لمختلف السلطات العمومية وأجهزة إنفاذ القانون، حيث تم تسجيل مخالفة في حق صاحب هذه الضيعة، وإطلاق عمليات بحث ومراقبة كبيرين بحثا عن ضيعات أخرى محتملة على صعيد جميع جماعات الإقليم.
واستنادا إلى المعطيات، فإن السلطات الإقليمية بطاطا كانت قد أصدرت منذ ثلاث سنوات قرارات عاملية تمنع بموجبها غرس الزراعات المستنزفة للماء، من بينها القرار العاملي رقم 224 بتاريخ 17 نونبر 2022، والذي يكشف عن تفاصيل دقيقة لتقنين الفلاحة والزراعة بالنفوذ الترابي للإقليم. واستنادا إلى المادة الثانية من القرار، فإنه بات ممنوعا الاستغلال العشوائي والمفرط للفرشة المائية، وكذا جلب الماء على مستوى الأثقاب والآبار غير القانونية. كما تنص المادة ذاتها في فقرتها الثانية على المنع المؤقت لمنح رخص حفر الآبار والجلب في المناطق التي تعاني من عجز في الفرشات المائية، خصوصا في مدارات «ألوكوم»، و«فم زكيد»، و«أم الكردان»، و«تزونين» و«أيت وابلي»، وأيضا بمناطق سقوية جديدة.
ويمنع أيضا توسيع الآبار الموجودة بعالية جميع مناطق جلب الماء الصالح للشرب، وبعالية العيون والخطارات، باستثناء الرخص التعويضية، وذلك استنادا إلى الدورية الوزارية عدد 19325، بتاريخ 24 أكتوبر 2022، بخصوص تفعيل وتسريع إنجاز التدابير والإجراءات الضرورية المتعلقة بالإجهاد المائي.
كما تقرر، وفق هذا القرار العاملي، منع الزراعات الموسمية المستنزفة للماء والمسقية بنظم السقي الموضعي خارج الواحات (البطيخ الأحمر والأصفر)، باستثناء الزراعات المعيشية، خاصة الحبوب والقطاني.
وينص القرار على ضرورة إلزام المستفيدين من الإعانة في نظام صندوق التنمية الفلاحية، والمكترين للعقارات التابعة للجماعات السلالية، باحترام نوع المزروعات الملتزم بها في برنامج الاستثمار. وقبل ذلك، كان قرار عاملي آخر قد صدر يحمل رقم 38 بتاريخ 22 مارس 2021، سُجل بموجبه إقليم طاطا منطقة منكوبة، بسبب الجفاف.
واستنادا إلى مصادر مطلعة، فإن حالة استنفار قصوى في صفوف رجال السلطة بمختلف القيادات، لمراقبة مدى التزام الضيعات الفلاحية القائمة بالقرارات العاملية، ثم البحث عن الأثقاب المائية العشوائية التي تشكل تهديدا حقيقيا للفرشة المائية. فقبل سنتين تقريبا، تم طمر 62 بئرا غير مرخصة لزراعة البطيخ الأحمر من أصل 153 بئرا كانت بالإقليم، وذلك من أجل ترشيد استعمال المياه للشرب وللأغراض الفلاحية.
وكانت اللجنة الإقليمية للماء المحدثة منذ 2019، قد تبين لها بعد عدة اجتماعات، والاطلاع على وضعية الفرشات المائية بمختلف الجماعات الترابية لطاطا، وحاجيات السكان من الماء الصالح للشرب، أن الطلب على الماء يفوق العرض المتوفر بشكل كبير جدا، الأمر الذي يستدعي اتخاذ خطوات عاجلة من أجل الحفاظ على الكميات المتوفرة، خصوصا وأنها في تناقص مستمر بفعل التزايد المضطرد للسكان من جهة، وتوالي سنوات الجفاف بفعل قلة التساقطات من جهة أخرى، إضافة إلى تزايد المساحات المسقية، والاستغلال المفرط للفرشات المائية من قبل الضيعات الفلاحية. إلا أن عدة «لوبيات» فلاحية كانت تستفيد من زراعة «الدلاح»، تحاول كل مرة الضغط من أجل فرض هذه الزراعة.
