بعد وفاة سيدة حامل بأكادير.. المصحات الخاصة بين التدبير العشوائي وغياب المراقبة

بعد وفاة سيدة حامل بأكادير.. المصحات الخاصة بين التدبير العشوائي وغياب المراقبة

ahdatsouss2 ahdatsouss214 يوليو 2025آخر تحديث : منذ 3 ساعات

أحداث سوس

عرفت مدينة أكادير مؤخرا تسجيل وفاة امرأة حامل في إحدى المصحات الخاصة، بسبب جرعة التخدير، وقد علقت فاطمة الشعبي، في تدوينة لها على صحفتها الفايسبوكية بالقول “مهما كانت الأسباب، لا يمكن السكوت على مثل هذه الممارسات وعلى هذا الاستهتار والاستخفاف بحياة الناس، والحق في الحياة أبسط الحقوق والحق في التطبيب والخدمات الصحية من شأنه أن يؤدي إلى الحياة وليس العكس

وأضافت فاطمة الشعبي، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان “دخلت المصحة في كامل صحتها الجسدية والنفسية.. كانت سعيدة بحملها الذي اكتمل وبأمومتها المرتقبة.. قيل لها ولمرتفقيها بأنها ستخضع لعملية قيصرية بمخدر موضعي فقط.. لكن يبدو أن المخدر لم يعطي مفعوله حسب قولهم، فبادروا إلى التخدير الشامل. لكن الشابة، للأسف، لم تستيقظ أو بالأحرى، لم يستطيعوا إيقاظها” متسائلة “مالذي وقع بالضبط؟ كان الارتباك سيد الموقف.. اضطر الطبيب للكذب فأوهم العائلة بأن السيدة لا زالت تحت تأثير البنج.. الغريب في الأمر أن طبيبة التخدير اختفت الشيء الذي أثار الشكوك حول وقوع خطإ في جرعة البنج

وختمت الشعبي تدوينتها بالقول”كيف يعقل أن تقع مثل هذه الأمور في مدينة كأگادير، في مصحة خاصة، من المفروض أن تكون مجهزة بالعتاد وبالكفاءات؟؟”و “كيف يعقل أن يلج الشخص المصحة على رجليه كله حيوية وأمل ويغادرها ميتا في كفن؟”

وهذا الحادث يطرح أكثر من علامة استفهام حول وضعية المصحات الخاصة، ومدى التزامها بكناش التحملات الخاص بفتح المصحات الخاصة؟

بالمقابل، نجد أن المصحات الخاصة الموجودة الآن بمدينة أكادير مملوكة لأطباء وجراحين، فالقانون رقم 94 ـ10 المتعلق بمزاولة مهنة الطب والنصوص المطبقة له، يمنع تدفق الإستثمار الخاص في القطاع الصحي الخصوصي، أي أن القانون يؤكد أن حيازة رأسمال المصحات الخاصة والمؤسسات المشابهة لها يقتصر على فئة الأطباء فقط. وهذا التنصيص دفع إلى ظهور فئة الأطباء المستثمرين، وهذا الإستثمار تؤطره الآن قانون السوق والربح السريع ومتغيرات العرض والطلب.

إن الطبيب المستثمر بمجرد فتح مصحة خاصة يفكر في أساليب جلب المرضى والبحث عن استخلاص مبالغ هامة تمكنه من تسديد أقساط الأبناك التي مولت مشروعه الإستثمار، بهذا ندخل في إطار مشروع استثماري محض، يتم فيه التعامل مع معاناة المواطنين كخدمة أو سلعة، والعاية من تقديمها أو تسويقها جني الربح.

وإذا كانت المصحات الخاصة تضع نصب أعينها الربح بأقصى سرعة ممكنة، فإن مجرد علمها بأن المريض الذي ولج أحد أقسامها ميسورا أو يستفيد من نظام صحي، تلجأ هذه المصحات إلى رفع قيمة الفاتورة رغم أن الخدمات المقدمة والوسائل التي تتوفر عليها لا تتناسب مع ماتم تضمينه في الفاتورة.

من جهة أخرى، يساهم ضعف أقسام المستعجلات مثلا في المستشفيات العمومية إلى هروب المرضى من هذه المؤسسات العمومية إلى المصحات الخاصة، وهذا يسجل أحيانا عدم توازن العرض الصحي مع الطلب المتزايد للمواطنين في ولوجهم للقطاع الخاص.

ورغم أن قسم المستعجلات يعتبر المرآة الحقيقية للخدمات المقدمة في هذه المصحات، إلا أن أغلبيتها بمدينة أكادير لا تتوفر على فرق طبية متكامل بكل التخصصات وبصورة متواصلة، خاصة بالليل، لأن التكفل بالحالات المستعجلة يقتضي بتوفير شروط ذلك من الاستقبال. ونجد أن من الأسباب التي ركزت عليها وزارة الصحة في الدعوة إلى إغلاق مجموعة من المصحات ضعف تجهيزات أقسام المستعجلات، مما له انعكاس على الصحية المرض. بالإضافة إلى توفر هذه المصحات في عموميتها على تجهيزات بنايات.

ونظرا العشوائية التي يعرفها تدبير الشأن الصحي بالمغرب لوحت وزارة الصحة أكثر من مرة على ضرورة إخراج قانون لتحرير القطاع الصحي وفتحه أمام المستثمرين الخواص، فقد لجأت الوزارة إلى طرحه بعد استحالة التغلب على مجموعة من الإشكالات تنخر القطاع الخاص، لذلك تم اقتراح فتح رأسمال المصحات الخاصة أمام المستثمارات بمعنى أن الوزارة تريد السماح لغير الأطباء بفتح مصحات خاصة، إلا تمثيليات الأطباء في القطاع الخاص فتحوا النار على الوزارة بدعوى خطورة إقدام على خطوة تحرير القطاع.واعتقد الأطباء في ردهم على هذا المشروع إلى أن هذا القانون يشكل خطرا على إمكانية الولوج للعلاج للعموم، إلا أن الظواهر التي تعرفها المصحات الخاصة بأكادير ونواحيها وأن المستثمر همه الأول هو الربح من عملية الاستثمار. بدليل أن مجموعة من أطباء القطاع الخاص يعتبرون صحة المواطن بضاعة.

ومن مخاطر ضعف مراقبة لجن المراقبة الجهوية والمحلية للمصحات نجد أن ظاهر النوار تنخر المصحات الخاصة بأكادير، حيث أن بعض مسؤولي المصحات يبتزون المرضى، حيث يتم إجبارهم على تأدية مبالغ غير مبررة، من قبل الإستعانة بخدمات أطباء القطاع العام لتقديم العلاجات الإستشفائية بالمصحات، ومن تداعيها هذا التحايل على القانون تحمل المريض أو أسرته تكاليف العلاج دون الحصول على وثيقة تثبت تحصيل المصحة لمبالغ الإستشفاء.

وجذا ما ذهب اليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي الخاص بسنة 2023، حيث سجل استمرار مجموعة من التحديات التي تعيق التمتع بالحق في الصحة للجميع، ورصد المجلس شكاوى الأفراد من الممارسات التي تعرفها المصحات الخاصة عندما يتم طلب دفع مبالغ مالية من دون الحصول على فواتير مقابل ذلك، ولا يتم إدراجها في فاتورة العلاجات التي يتسلمها المريض.

ولفت المجلس إلى أن هذه الممارسة التي توصف بـ”النوار” تنتشر بشكل واسع في المصحات الخاصة وتختلف قيمتها حسب طبيعة التدخل الطبي، مؤكدا على مخالفة هذه الممارسة للمقتضيات القانونية وضرورة تدخل السلطات الصحية الوطنية لمحاربتها.

ويخلق هذا الوضع المستفحل بشكل مثير و متعمد إشكالات عديدة للمرضى المتوفرين على عقود اشتراك في التغطية الصحية لشركات التأمين، إذ على الرغم من حصولهم على شهادات تحمل جزء من المصاريف العلاجية من طرف الشركة المؤمنة،فإن إدارة العديد من المصحات ترفض التعامل بها و تجبر المؤمنين على تسديد فارق كبير يهم خدمات غير مدرجة بفاتورة العلاج، وهو ما يمثل ابتزازا متعمدا للمرضى و أسرهم و استغلالا بشعا لحالتهم الحرجة من أجل الاغتناء المشروع خارج القانون.

ولما صدرت مدونة التغطية الصحية تم الإتفاق بين أطباء القطاع الخاص ووكالة التأمين الإجباري عن المرض على تحديد تسعيرة وطنية مرجعية تحدد وجبات المريض المالية أثناء ولوجه للمصحات الخاصة، إلا أن سوء فهم للإتفاقية إدى إلى تجاهل وتنكر الأطباء للإتفاقية، حيث أدى ذلك إلى عدم التلاعب في تسعيرة الإستشفاء،مما فتح المجال أمام جشع الأطباء في نهب جيوب المرضى.

ورغم أن القطاع الصحي الخاص يقتضي العمل بأطقم بشرية لاتنتمي للقطاع العام إلا أن أغلب الخدمات الطبية والإستشفائية المقدمة من طرق المصحات بأكادير يؤطرها ويشرف عليها أطباء قطاع العام، مما يعني أن هؤلاء يتغيبون عن المستشفيات العمومية لأداء خدمات أخرى في القطاع الخاص، مثل هذه التصرفات تؤثر سلبا على السير العادي للمؤسسات العمومية، وتلحق ضررا بالمرضى، من خلال انخفاض معدل إجراء العمليات الجراحية الكبرى في المستشفيات مثلا، ومن النتائج السلبية لهذه الوضعية ظهور تباعد في مواعد الفحوصات المقدمة للمرضى وانخفاض في المردودية، مما نجم عنه تفتشي ظواهرالابتزاز في المستشفيات العمومية.

كما اتخذت وزارة الصحة مجموعة من الإجراءات للحد من ازدواجية العمل في القطاع والخاص عبر تفعيل الدورية الوزارية رقم 47 بتاريخ 26 يونيو 2008 التي تتضمن تعليمات لجميع رؤساء المصالح الصحية لاتخاذ تدابير صارمة في حق الموظفين العموميين، الذين يثبت أنهم يزاولون العمل بدون ترخيص بالمصحات الخصوصية، إلى جانب إعمال المقرر الوزاري عدد 3 بتاريخ 4 مارس 2009، المتضمن للتدابير العملية لتنظيم مهمات التفتيش للمصحات الخصوصية، طبقا لقانون رقم 10-94 المتعلق بمزاولة الطب. ونفس الشيء يسري على فئة الأطر الطبية والتمريضية التي تجمع بين العمل في المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة، رغم تنافي ذلك مع قوانين الوظيفة العمومية، ونجد أن أغلب المصحات الطبية بأكادير تعتمد على الأطر الطبية للقيام بمهام الأطباء خصوصا في ميدان التخدير وتدبير المستعجلات ويرجع أسباب ذلك إلى قلة الأطباء في تخصص التخدير والمستعجلات بأكادير ونواحي، وأغلب المتواجدين بها ينتمون للقطاع العام.

وحسب إيفادات بعض الأطر الطبية فإن المصحات التابعة للقطاع الحر بأكادير تعرف هذه المؤسسات وضعا مأساوية، حيث تقادم وتآكل تجهيزاتها، وضعف بنياتها، وقلة مواردها البشرية، وضعف تكوين الطاقم التمريضي بها، وعدم احترام المعايير الطبية في قاعات الجراحة والإنعاش.

ومن جهة أخرى، تلجأ عدد المصحات الحرة إلى نشر وعرض إعلانات ولوحات إشهارية على واجهات بناياتها تتضمن معلومات من شأنها مغالطة المرضى وأوليائهم حول الخدمات الإستشفائية التي تقدمها هذه المؤسسات.

ورغم محدودية جودة الخدمات التي تقدمها هذه المصحات وعجزها عن اسعاف مرضى يحملون أمراضا مستعصية إلا أن وضع لوحات إشهارية حول الخدمات التي تقدمها بشكل يؤدي إلى استعمال وسائل تدليسية لجلب الزبناء المرضى، حيث تعمد مؤسسات خاصة بأكادير إلى وضع إعلانات على واجهاتها حول علاج أمراض مختلفة، إلا أنه بمجرد ولوج المريض إلى هذه المصحات حتى يكتشف المريض أن ماتم الإشارة إليه على واجهاتها ماهو إلا وسيلة يراد منها الزيادة من مداخيلها المادية لاغير..كمثال على ذلك إحدى المصحات الخاصة بأكادير التي يملكها طبيب وزوجته، ورغم أن تخصص هذه الطبيبة هو طب الأطفال إلا أن غياب الموارد البشرية بهذه المؤسسة يدفعها إلى التنقل بين أقسام المصحة للإطمئنان على المرضى وتقديم الإسعافات الضرورية.

إن غياب مراقبة الأجهزة الوصية على القطاع محليا وجهويا أدى إلى استمرار عمل مجموعة من المصحات الخاصة بأكادير رغم أنها تعيشها وضعا غير قانوني وتخالف كافة القوانين المنظمة للقطاع.

ورغم أتخاذ الحكومة مجموعة من التدابير المستعجلة لتفعيل ورش التغطية الصحية والاجتماعية بالمغرب، حيث اصدرت مجموعة من القوانين والإجراءات انصبت كلها في توسيع قاعدة المقيدين في صندوق الضمان الاجتماعي، من خلال التسجيل المباشر للمستفيدين من بطاقة “راميد” أو إجبار فئات أخرى وفرض واجبات التسجيل والتي أظهرت قصورها في ظل الوضع المهترئ لقاعدة البنيات الاستشفائية منها العمومي أو الخاص.

ومن جهة أخرى، يعاني القطاع الصحي بجهة سوس ماسة من صعوبة الولوج للخدمات الصحية وضعف القدرة الشرائية للمواطنين والنقص الحاد في الاطر الطبية وضعف جودة الخدمات.

إن الحديث على التخطيط الجهوي للصحة يقتضي تسليط الضوء على المؤسسات الاستشفائية بالنفود الترابي للجهة، حيث تتوفر جهة سوس ماسة على 314 مؤسسة صحية عمومية،فيما لا يتعدى عدد المصحات الخصوصية 23 مصحة، حيث تضم عمالة اكادير اداوتنان 16 مصحة و3 مصحات بتاروادنت ومصحتين بكل من عمالة انزكان ايت ملول وأقليم تزنيت، فيما لاتتوفر عمالتي اشتوكة ايت باها وطاطا على مصحة خصوصية بنفود ترابها.تتوفر جهة سوس ماسة على 1261 طبيبا وطبيبة، منهم 520 طبيب بالقطاع العام و741 طبيب بالقطاع الخاص. تتوزع على اقاليم الجهة منها 589 طبيب باكادير اداوتنان و224 انزكان ايت ملول و203 طبيب بتارودانت و103 طبيب باشتوكة ايت باها و97 طبيب بتزنيت و45 طبيب بطاطا.

وتظهر هذه الاحصائيات المتعلقة بتوزيع المؤسسات الإستشفائية بسوس، على قلتها، صعوبة تنزيل الورش الحكومي في شقه المتعلق بسلاسة ولوج المواطنين للخدمات الصحية، بالإضافة إلى إكراهات أخرى تتعلق بالعرض الصحي الضعيف مقارنة مع عدد السكان وشساعة النفود الترابي للجهة، وتتوفر جهة سوس ماسة على 1261 طبيبا وطبيبة، منهم 520 طبيب بالقطاع العام و741 طبيب بالقطاع الخاص. تتوزع على اقاليم الجهة منها 589 طبيب باكادير اداوتنان و224 انزكان ايت ملول و203 طبيب بتارودانت و103 طبيب استوكة ايت باها و97 طبيب بتزنيت و45 طبيب بطاطا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *