أحداث سوس
تحل الثلاثاء 14 مارس الجاري، الذكرى الأولى لإعلان الحكومة الإسبانية للموقف الذي وصف بـ”التاريخي” تجاه القضية الأولى للمملكة المغربية؛ وذلك حين أيدت في رسالة لبيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، واضعة بذلك العلاقات بين البلدين على سكتها الطبيعية، بعد أزمة دبلوماسية عمرت طويلا والتي خلفها استقبال زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية للتداوي بأحد المستشفيات الإسبانية بجواز سفر مزور.
وفتحت رسالة سانشيز الباب أمام زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين ومباحثات مشتركة؛ أهمها زيارة رئيس الوزراء الإسباني والوفد المرافق له للمغرب ولقاؤه بالملك محمد السادس بالقصر الملكي بالرباط في السابع من أبريل 2022 ثم لقاءات متعددة لوزيري الداخلية والخارجية للبلدين في مدريد والرباط، كما مكنت من انعقاد الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا في الثاني من فبراير الماضي، بعد ثمانية أعوام على غيابه.
ويرى ملاحظون أن العلاقات المغربية الإسبانية تزيد متانة مع مرور الوقت، مبرزين أنه في أقل من سنة استقبل المغرب أغلب المسؤولين عن الحقائب الوزارية الأكثر أهمية في الحكومة الإسبانية؛ الأمر الذي ساهم في توقيع شراكات مهمة وفي وقت وجيز في قطاعات حيوية، منها تدبير الهجرة والسياحة والبنيات التحتية والموارد المائية والبيئة والفلاحة والتكوين المهني والضمان الاجتماعي والنقل والحماية الصحية والبحث والتنمية.
وعلى الرغم من “التبعات” التي تواصل الصحافة الإسبانية عدها وتوظفها أحزاب المعارضة في هجومها على “قصر مونكلوا” في سياق السباق الانتخابي لاستحقاقات دجنبر المقبل، من ضمنها تعليق الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع الدولة الإيبيرية، والتي ظلت على مدى سنوات موردها الرئيسي بالغاز، فإن الحكومة الإسبانية تدفع نحو مزيد من التعاون والتقارب مع المغرب كما تواصل عبر قنوات عديدة التأكيد على ثبات موقفها من الصحراء المغربية.
محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إن الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية شكل نقطة انعطاف أساسية في العلاقات بين البلدين وفي الصراع حول قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
واعتبر الغالي، في تصريح لهسبريس، أن هذا الموقف “فريد من نوعه وليس لحظيا، ويختلف عن مواقف أمريكا وألمانيا وهولندا وغيرها، على اعتبار أن إسبانيا كانت محتلة للصحراء المغربية وبالتالي فهي جد مطلعة على هذا الملف”.
وسجل الخبير في العلاقات الدولية أن مناسبة مرور السنة الأولى على الموقف الإسباني “غير المسبوق” وعودة العلاقات بين البلدين يُعد فرصة للوقوف على التقييم الإيجابي للعلاقات المغربية الإسبانية، لاسيما في مجالات التعاون والاستثمار والمجالات الاجتماعية والإنسانية المؤطرة بمبدأ حسن الجوار وقواعد المسؤولية والاشتراك في كل ما يضمن رفاه مستقبل الشعبين المغربي والإسباني.