أحداث سوس
في إطار الدينامية التنموية التي تشهدها عمالة إنزكان أيت ملول، وفي انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الرامية إلى جعل فضاء أكادير الكبير قطبًا اقتصاديا و ميتروبولياً متكاملًا في قلب المملكة، احتضن مقر عمالة إنزكان أيت ملول، صباح يوم الخميس 19 يونيو 2025، اجتماعًا موسعًا خُصص لاستعراض مخرجات الدراسة التقنية والمجالية المتعلقة بإحداث منصة رقمية دولية لتسويق المنتجات الفلاحية والغذائية، وذلك في إطار شراكة استراتيجية جمعت بين وزارة الفلاحة، مجلس جهة سوس ماسة، والبنك الدولي.

وقد ترأس الاجتماع السيد إسماعيل أبو الحقوق، عامل عمالة إنزكان أيت ملول، بحضور وازن للسيد الكاتب العام للشؤون الجهوية بولاية جهة سوس ماسة، والسيد رئيس جامعة ابن زهر، والسيد رئيس مجلس عمالة إنزكان أيت ملول، وممثل المديرية الجهوية للفلاحة بأكادير، ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة سوس ماسة، ورئيس غرفة الفلاحة سوس ماسة، إلى جانب السادة رؤساء الجماعات الترابية، ورؤساء الأقسام بالعمالة، وخبراء منتدبين لدى البنك الدولي، بالإضافة إلى فاعلين اقتصاديين وقطاعيين بارزين.
و في كلمته الافتتاحية، أكد السيد العامل أن هذا الاجتماع يشكل حلقة مفصلية في مسار تطوير منظومة التسويق الفلاحي بالجهة، مشيرًا إلى أن الدراسة المنجزة تحت إشراف مكتب متخصص بتكليف من البنك الدولي، تروم وضع تصور متكامل لإحداث منصة رقمية دولية حديثة تواكب التحولات العالمية في مجال تسويق المنتوجات الفلاحية.
وأضاف أن المشروع يأتي في انسجام تام مع الرؤية الملكية المتبصرة، ويُعد رافعة استراتيجية لتعزيز التموقع التنافسي لجهة سوس ماسة على المستويين الوطني والدولي، من خلال تطوير بنيات التسويق الرقمي، وتحسين جودة المنتوج، وتتبع سلاسل التوريد، وضمان الشفافية والولوج العادل إلى الأسواق.
وقد قدم الخبير المنتدب لدى البنك الدولي عرضًا مستفيضًا حول نتائج الدراسة التقنية، مؤكدًا أن جهة سوس ماسة تتوفر على مقومات فريدة تجعلها مؤهلة لقيادة هذا التحول النوعي، بما في ذلك تنوعها البيولوجي، بنياتها التحتية، وتراكمها المهني في مجال الفلاحة والتصدير.

وأبرز العرض أن فضاء أكادير الكبير مرشح ليُصبح من بين أبرز الأقطاب الإفريقية في تصدير المنتجات الفلاحية، وذلك بفضل حجم الإنتاج ومؤهلاته. فقد بلغت المساحات المزروعة بالخضر والفواكه سنة 2025 حوالي 62.500 هكتار، بإنتاج إجمالي يناهز 2.242.000 طن، منها 1.600.000 طن من الخضر، و480.000 طن من الحوامض، و162.000 طن من الموز، يُوجَّه منها 1.470.000 طن للتصدير، و772.000 طن للسوق الوطني.
ويتوقع أن تصل المساحات المزروعة في أفق 2030 إلى 69.800 هكتار، بإنتاج إجمالي يبلغ 2.650.000 طن، على أن تبلغ سنة 2035 حوالي 2.940.000 طن فوق مساحة قدرها 75.000 هكتار، ما يُبرز الحاجة الماسة لتأهيل بنيات التسويق الرقمي والاستيعاب اللوجستيكي.
وفي هذا الإطار، تم استعراض ثلاث مقترحات رئيسية لتصميم المنصة، حيث تم التركيز على الخيار الثالث الذي ينص على تحديث الأسواق التقليدية وإنشاء منصة رقمية ذكية من الجيل الجديد، موجهة خصيصًا لتسويق الخضر والفواكه، مع الحرص على تكاملها الوظيفي مع سوق الجملة بإنزكان وسوق الطماطم بأيت ملول.
ويمتاز هذا الخيار بقدرته على إحداث طفرة نوعية في تدبير قنوات التوزيع، عبر إدماج أنظمة رقمية متطورة تتيح تتبع المنتجات من الحقل إلى السوق، ونشر الأسعار بشكل شفاف، وتيسير الربط المباشر بين المنتجين والمصدرين والموزعين، إضافة إلى تعزيز العدالة المجالية وتثمين المداخيل المحلية.
كما سيمكن هذا المشروع من تحسين ظروف تسويق المنتوجات، خصوصًا لفائدة الفلاحين الصغار والمتوسطين، وتوفير فرص جديدة للبيع عن بعد، والتصدير عبر المنصات الرقمية، وربط سلاسل القيمة بأسواق وطنية ودولية.

وقد أشاد الحاضرون بجودة الدراسة المعتمدة، وبالمقاربة الشمولية التي ربطت بين البُعد الاقتصادي، المجالي، والرقمي، داعين إلى اعتماد حكامة تشاركية تدمج الجماعات الترابية والمهنيين في تسيير المنصة، بما يضمن النجاعة والاستدامة.
كما تم التأكيد على ضرورة التسريع بإخراج المشروع إلى حيز التنفيذ، نظرًا للتحولات المتسارعة في أسواق التصدير، وحتمية الانتقال من التسويق التقليدي إلى نموذج أكثر ذكاءً وفعالية، يرتكز على التحول الرقمي الزراعي، الشفافية، والتنافسية الدولية.
في ختام الاجتماع، جدد السيد العامل التزام السلطات الإقليمية بعمالة إنزكان أيت ملول بتعبئة كافة الوسائل والإمكانات لإنجاح هذا المشروع الاستراتيجي، في تنسيق دائم مع وزارة الفلاحة، جهة سوس ماسة، البنك الدولي، وجامعة ابن زهر، من أجل بلورة نموذج تنموي مبتكر يجعل من الجهة مركزًا متقدمًا في تصدير المنتجات الفلاحية المغربية.
ويُعد هذا المشروع لبنة أساسية في مسار إعادة هيكلة منظومة التسويق الفلاحي بالجهة، كما يعكس إرادة جماعية راسخة لجعل جهة سوس ماسة منصة قارية للتصدير، ومركزًا رائدًا في الابتكار الزراعي، انسجامًا مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي، وتكريس الفلاحة المستدامة، وتعزيز السيادة الاقتصادية الوطنية.