مع الدخول السياسي الجديد، تفاقمت حدة الأزمات بين أحزاب الأغلبية المكونة للحكومة، بعد توالي الخلافات بينها، ودخولها في حرب الكلام والبلاغات، ما أدى إلى “زعزعة تماسك الأغلبية” وترنح السفينة الحكومية، ليطرح العديد من المتابعين للمشهد السياسي المغربي سؤالا بالخط العريض: هل تعجل الخلافات المتكررة في إسقاط حكومة العثماني؟
الخلافات الأخيرة، بدأت بعد إلغاء حقيبة كتابة الدولة للماء، التي كانت تحملها شرفات أفيلال، من حزب التقدم والاشتراكية، ما تسبب في أزمة بين رئيس الحكومة ورفاق بنعبد الله، الذين أغضبهم القرار، ولوحوا بالانسحاب من الحكومة، وما تزال تداعيات “قضية أفيلال” مستمرة إلى اليوم.
ولأن المشاكل لا تأتي فرادى، الخلاف بين التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، أعقبه خلاف جديد، هذه المرة، بين هذا الأخير، وحزب التجمع الوطني للأحرار، بعد تصريحات عضو مكتبه السياسي ووزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي، التي اعتبرتها الأمانة العامة للـبيجيدي: “إساءات بالغة وتعريضا مغرضا ..وتهجما سافرا وغير مسؤول ومناقض لمبادئ ومقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة”. مطالبة رشيد الطالبي العلمي بمغادرة الحكومة التي يقودها “بحسب ادعائه حزب يحمل مشروعا دخيلا يسعى لتخريب البلاد”.
بلاغ البيجيدي لم يمر مرور الكرام، حيث جاء الرد من رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي قال إنه من الآن فصاعدا، لم يعد من الممكن استهداف التجمع الوطني للأحرار بهذا الشكل غير اللائق، مبرزا “أن الأشخاص الذين وراء هذه الهجمات يشحنوها بكثير من الطاقة، ولا يدخرون أي وسيلة للدعاية من أجل تمريرها، إلى درجة أصبحت معها هذه الهجمات عرقلة لأي محاولة للعمل الجاد”.
في تعليقه على الموضوع، قال عبد الحميد بنخطاب، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، “إنَّ منذ البداية كان تحالف الأحزاب داخل الحكومة لم يكن تحالفا صلبا ولا مبنيا على مجموعة من المبادئ، سواء الأخلاقية ولا الإيديولوجية ولا على اتفاق عن استراتيجيات معينة، بل كان تحالفا ظرفيا، استمد راهنيته من الظرفية التي عرفها المغرب آنذاك وضرورة تشكيل حكومة كيفما كان نوعها” مضيفا، “وهذا ماحصل، حيث نرى حزبا يساريا متحالفا مع إسلامي بدون هدف سياسي معين إلا التشبث بالمناصب، وحزب من قبيل الحركة والأحرار اللذين كان دخولهم للحكومة محسوبا للعب على أوتار معينة وعدم ترك المجال مفتوحا أمام الحزب الإسلامي”.
واسترسل الأستاذ الجامعي في حديثه لموقع القناة الثانية، معتبرا أنه بعد مرور سنة ونيف من تشكيل الحكومة تبين اليوم أن ليس هناك مشروع وانسجام حكومي بين مختلف الأحزاب في الحكومة.
وفي إجابته عن سؤال حول ما إن كان التحالف الحكومي وصل إلى نقطة النهاية، أوضح بنخطاب، أنه لا يعتقد ذلك خصوصا في الفترة الحالية؛ “ذلك أن التصريحات بين قيادات الأحزاب قد لا تمس بالأغلبية، ونفس الأمر بالنسبة للغط الذي أعقب إلغاء وزارة الماء لشرفات أفيلال، حيث تبين لاحقا أنه ليس لحزب التقدم والاشتراكية النية للانسحاب من الحكومة”.
وأوضح المحلل السياسي، أن الأزمة الآن داخل الحكومة هي “أزمة أخلاقية أولا ثم أزمة سياسية ثانيا، لأن ليس هناك ما يثبت أن هناك انسجام بين أطراف الأغلبية، وهذا ما سيؤثر لا محالة في حصيلة الحكومة وفي نجاح سياساتها العمومية”.
وعن قدرة الحكومة في الاستمرار إلى سنة 2021، لم يستبعد بن خطاب هذا الأمر، بالرغم من ما اعتبره “الضربات المتبادلة تحت الحزام”، كاشفا أن الخاسر الأكبر من هذه الصراعات هو حزب العدالة والتنمية، وهذا ما سيؤثر على شعبية الحزب، وسيخرج من هذا التحالف منهكا.