سعد الدين بن سيهمو
إن الشعب المغربي العظيم بتاريخه، و بنضالاته التي لا تعد ولا تحصى، وبتضحياته العظيمة، و بأبنائه وبناته الأوبرا، يبين ويوضح أنه ليس غبيا، فهو أهل لأن يكون في طليعة الشعوب لو تمكن من التمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. و لكنها الطبقات الممارسة للاستغلال، والمستفيدة منه والساعية إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية، والتي تدوس كل شيء، وتقوم بكل شيء يحول دون أو يؤدي إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية.
و الذين يستغلون الجماعات المحلية أو يسعون إلى استغلالها يمارسون الاستغباء على الجماهير الشعبية الكادحة، فهم يقدمون الوعود الكاذبة إلى الكادحين ويمارسون عليهم التضليل، ويعدونهم بالجنان التي لا تتحقق أبدا، من أجل حفزهم على المشاركة في الانتخابات المختلفة من أجل استغلال أصواتهم التي تصير ذات قيمة مدفوعة، من أجل التصويت على المرشح الذي يدفع أكثر حتى يتمكن الأغبياء الذين لا ندري من أين لهم بما يشترون كل هذه الضمائر.
حتى يتربعوا على كراسي العضوية الجماعية ، التي ترفع أسهمهم بالنسبة لمن يدفع أكثر ممن يرغب في احتلال المقعد الرئاسي أو أي مقعد من مقاعد المكتب الجماعي الذي ينظم استغلال الموارد الجماعية لصالح تنمية الثروات الفردية على حساب إفقار الجماعات المحلية التي يحرم سكانها من الخدمات الجماعية الأساسية، والضرورية لقيام حياة جماعية ينعم فيها الناس بحقوقهم المختلفة، و في مقدمتها الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
و الرؤساء الجماعيون على مستوى التراب الوطني عندما يقدمون إلى الناخبين الوعود الكاذبة التي لا حدود لها وعندما يستغلون الدين الإسلامي في استقطاب أصوات الناخبين، وعندما يقدمون الوعود للكادحين بأنهم سيحققون الاشتراكية من أجل استدراج أصواتهم، في مختلف المحطات الانتخابية، إنما يعملون على ممارسة الاستغباء على هذا الوطن، و على سكان هذا الوطن، و على أبناء الشعب المغربي الأذكياء الذين يعلمون جيدا أن الانتخابات المختلفة ليست إلا وسيلة لشراء ضمائر الجوعى، و المرضى، و الثكالى، و المحرومين الذين يشكلون قنطرة للوصول إلى المسؤوليات الأساسية في كل جماعة على حدة من أجل التمكن من نواصي الجماعات المحلية التي تمكن الرؤساء الجماعيين من نهب خيرات هذا الوطن، و من أجل تسخير الجماعات المحلية من ذلك النهب، و من أجل أن تصير لهم ثروات هائلة يفتخرون بالحصول عليها، ولا يدركون أن ممارستهم تسيء إلى المغرب و تجعله عاجزا عن مسايرة التطور الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي والسياسي.
فهل يعتقد الرؤساء الجماعيون أن المغاربة لا يدركون ما يقومون به من نهب للخيرات المادية والمعنوية للمغرب وللمغاربة ؟
وهل يعتقدون أن المغاربة ” شعب من الأغبياء “؟ أم أنهم يمارسون الاستغباء عليهم ؟
ألم يعلموا أن المغاربة جميعا يعلمون أن المسؤوليات الجماعية وسيلة من وسائل التبرجز، مثلها في ذلك مثل الاتجار في المخدرات، والتهريب، واستغلال النفوذ السلطوي ؟
ألم يدرك هؤلاء الرؤساء الجماعيون أن كل أشكال الفساد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي يمر على أيديهم إلى الواقع ؟
ألم يعلموا أن ما يهم الشعب المغربي يصير وسيلة لاستنزاف الثروات الجماعية بدون حدود لحساب الرؤساء الجماعيين بدون محاسبة أو مراقبة من قبل الجهات المعنية بذلك، إلا لماما ؟
أليس الشعب المغربي منسحبا من جميع العمليات التي أرسلت الرؤساء الجماعيين إلى المسؤوليات الجماعية و بطرق لا علاقة لها بالديمقراطية ؟
ألا يدل انسحاب الشعب المغربي من العمليات الانتخابية دليلا على ذكائه ؟
أليس ذكاء الشعب المغربي دليلا على بلادة الرؤساء الجماعيين الذين يستغبونه من أجل أن يصير في خدمتهم ؟
إن الشعب المغربي الذي لم يعد يخفى عليه ما يمارسه الرؤساء الجماعيون في حقه يدركون جيدا أن حبل الكذب قصير، و أن استمرار الرؤساء في ممارسة نقيض ما يقدمونه من وعود يعتبر دليلا على أن من يمارس استغباء الشعب هو الغبي فعلا.
فيا أيها الرؤساء الجماعيون، يا من استبحتم أموال الشعب المغربي، و استنجدتم بذوي النفوذ، و استأنستم بالكراسي الجماعية الوثيرة، و بنيتم أحلامكم على أساس تحقيق تطلعاتكم البورجوازية عن طريق إحداث تراكم هائل في ثرواتكم التي تعظم على حساب المشاريع التي تمت برمجتها في ميزانيات الجماعات المحلية، ألا تستحيون مما تقومون به؟
ألا تدركون أنكم وقفتم وراء انتشار الأمراض، وانتشار البطالة، وانتشار اليأس من المستقبل، والدفع بالمغاربة ومن ذوي الكفاءات العالية، إلى ما وراء البحار، والتعرض إلى كافة الأخطار ؟
إن الشعب المغربي الذي يخبركم جيدا ليس هو كل أولئك البورجوازيين الصغار الذين يتزلفون أبواب مكاتبكم من أجل مساعدتهم على تحقيق تطلعاتهم الطبقية حتى و لو أدى الأمر إلى انبطاحهم أمامكم.
آمنتم و صدقتم أنكم تبنون مستقبل المغرب، و أنتم إنما تبنون مستقبلكم و مستقبل أبنائكم، وتساهمون بذلك في إضعاف القدرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، حتى يقبل المغاربة ببيع كل ما هو جميل عند المغاربة إلى الشركات العابرة للقارات، و لو كان في المغرب احترام لإرادة الشعب المغربي، لتمت محاكمتكم على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال ارتكاب الجرائم ضد الشعب المغربي الذي لا يقبل أن يوصف بالغباء، كما لا يقبل أن يمارس عليه الاستغباء.