قال ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين في الخارجية في كلمة له خلال الدورة السادسة والسبعون للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة:”لم تسلم دولةٌ من جائحة وضعت على المحك قدراتنا وحكامتنا كدول، واختبرت بشدة إرادتنا كمجتمع دولي، مهددة بنسف ما أنجزناه خلال عقود”.
وأضاف :”لقد فاقمت أزمة كوفيد-19 التفاوتات بشكل غير مسبوق، بل وساهمت في خلق أوجه مستجدة لانعدام المساواة بين مختلف الأمم وداخل الأمم نفسها، فسواء على المستوى السياسي أو السوسيو الاقتصادي أو الأمني أو البيئي، ذكَّرتنا الجائحة بهشاشتنا كبشرية. تلاعبت بالحدود الترابية والأولويات الوطنية، وزعزعت مُسَلّمَاتِنا بخصوص أنماط الإنتاج والاستهلاك وتوزيع الموارد، بل كشفت عن ثغرات نُظم التطبيب والتشغيل والحماية الاجتماعية”.
وتابع:”وعلى المستوى الدولي، كشفت الجائحة أوجه قصور عديدة في الحكامة متعددة الأطراف. ففي الوقت الذي باتت فيه السياسات الوطنية في طليعة الجهود العالمية لمواجهة الجائحة وكبح انتشارها، لم يرق العمل متعدد الأطراف للأسف الى مستوى التحدي المطلوب”.
وزاد:صحيح أن الدول وعت بترابط مصائرها في مواجهة انتشار الفيروس، لكن ظل ذلك الوعي ضمن تصريحات سياسية نالت الإجماع والتنويه ولم تتبلور ضمن نسقِ تعاونٍ دوليٍّ فاعلٍ وفعال” ليوضح قوله:” ليس القصد هنا انتقاد العمل متعدد الأطراف، بقدر ما هو تقييمٌ عقلاني وموضوعي لما قمنا به نحن أعضاء الأمم المتحدة بشكل ملموس وعملي. فالأزمة الوبائية هي أيضا “اختبار” شامل على أرض الواقع لفاعلية المنظومة الدولية، يضعنا أمام مسؤولية تاريخية”.
وتساءل:” أفمن المعقول والمقبول أن تخرج منظمة الأمم المتحدة من أكبر تهديد للأمن البشري منذ إنشائها، وهي على نفس الحال الى ما آلت اليه الأمور في بداية سنة 2020؟
واستطرد:”إن منظمة الأمم المتحدة، كما قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، هي “الضمير الحي للإنسانية، وقُطْب الرحى لنظام عالمي جديد، عِماده السلم والأمن الشامل والتنمية المشتركة، في ظل قِيَم المساواة والتسامح والديمقراطية والإخاء”. لذا، وَجَبَ علينا العمل سويا لإرساء نظام عالمي جديد يكون منصة لعمل مشترك فاعل، يتجاوز تصريحات النوايا أو “المرافعة الفكرية” لينتقل بنا إلى مرحلة “التعبئة التحولية”، عبر خارطة طريق عملية، تعزز الأمن الجماعي بكل أبعاده وتتجاوب مع التحديات الحالية والناشئة”.
واسترسل قوله:” ينبغي ألاّ يبقى العمل متعدد الأطراف بنظرنا لغة حكومات، غير مسموعة لدى شعوبنا، بل يجب أن يكون رافعةً لتحالفاتٍ واسعةٍ وعمليةٍ، تجمع بين الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية. وقد أظهرت جائحة كورونا الحاجة الماسَّة إلى عمل مُتعددِ الأطراف براغماتي، يستمد شرعِيَتَهُ من فعاليتِهِ في تمتيع المواطنين من حقِّهِم في الأمن والصحة والتنمية.”