أحداث سوس
حظي مسلسل “بابا علي” بشعبية كبيرة من طرف الجمهور المغربي، كما حقق نسب مشاهدة عالية حتى أصبح ينافس الأعمال الدرامية الناطقة بالدارجة المغربية.
ورغم كل النجاح الذي حققه، لم يسلم هذا العمل الفني لمخرجه مصطفى أشاور من انتقادات من قبل المشاهدين، و المهتمين بالشأن الفني.
رشيد بوقسيم، الاعلامي والباحث في الشأن الامازيغي، اعتبر، ضمن تصريح لمغرب تايمز،” أن مسلسل “بابا علي” سابقة في الدرامة الامازيغية خاصة في الأعمال التلفزيونية، كما نعلم أن السلسلة حققت نجاح في جزئها الأول والثاني، وهذا شيئ مهم مما سيخلق تراكما لدى الناس، خصوصا بعد الانتقادات والردود التي ستلاحق المسلسل من طرف الجمهور ومن طرف المهتمين بالشأن التلفزيوني”.
يقول : “إذا كان لدينا منتجين منفذين وغيورين على الثقافة الأمازيغية وعلى الثقافة المغربية بصفة عامة ومبدعين يسمعون نبض المجتمع، حينها سنتقدم ونخطو خطوات للأمام”‘، مضيفا ”السلسلة في الموسم الأول تختلف كليا عن موسمها الثاني، فالموسم الأول كان مثيرا رغم بساطة الكتابة الدرامية إلا أنها استطاعت لفت انتباه المتلقي، وهذا يدل على أن التفكير في العمل أخد وقت كثير وطاقة كبيرة، وهذا ما يفقده الموسم الثاني، وسأوضح ذلك من خلال مجموعة من المعطيات من بينها معطى الأرقام”.
يتابع بوقسيم قائلا: ” فكما نعلم أن عدد كبير من الناس لا يشاهدون التلفزيون ويتجهون للانترنيت، والسلسلة في موسمها الأول حققت نسب مشاهدة عالية جدا مقارنة بالموسم الثاني ، الذي عرف تراجعا في نسب المشاهدة مقارنة بالأعمال الدرامية الأخرى، كمسلسل المكتوب الذي ثبته القناة الثانية والذي يحقق أكثر من مليونين ونصف مشاهدة في اليوم. معطى الأرقام يبين أن هذه السنة الطاقة لم تعد نفسها ومدة الاشتغال على الكتابة لم يأخذ وقته الكافي، وهذا معطى مهم لان الأعمال التلفزيونية الرمضانية يشتغل عليها في الدقائق الأخيرة “.
وتابع : “على مستوى التشخيص، نلاحظ أن هناك شخصيات تمت إضافتها بدون سند درامي مما لا يعطيها المصداقية وسط العمل الدرامي ولا للعمل بصفة عامة، وبالنسبة لتطور شخصيات المسلسل، هناك شخصية التاجر الشحيح الذي جسده عبد اللطيف عطيف، لم تعط له الفرصة أكثر ربما لغياب الطرف الثاني ‘زوجته” التي تم حذفها في هذا السيناريو لأسباب لا أعرفها، لكن حسب ما قالت الممثلة ” نورة الولتيتي” فالأمر يتعلق بتصريح لها قامت فيه بانتقاد العمل ، ربما فيما يخص الأجور لهذا تم الاستغناء عنها وهذا الشركة المنتجة لها سوابق فمثلا في سلسلة “رمانة وبرطال” كنا نرى أن سناء عكرود هي البطلة ولكن في الموسم الثالث نشاهد ‘ معزة’ هي البطلة، وتم تعويض سناء عكرود، وهذا راجع لأسباب مادية ومن حق الممثلين أن يطلبوا بأجورهم”.
ويتابع: “شخصية ‘بلقاس’ التي يجسدها الممثل عطيف المعروف بإبداعه واحترافيته، لم نلمس حضوره التشخيصي في هذا الموسم كما اعتدنا، للأسف لم يتم التفكير تطوير الشخصيات في هذا الموسم، فالكتابة ليست هي الحوار، ممكن أن تكون محترفا في كتابة الحوار ولكن كتابة السيناريو علم لا يعطى للكل، ويلزمه خلفية”.
ويؤكد ” البناء الدرامي للشخصيات ضعيف، والمشاهد أصبح يعرف مسبقا ما سيحدث، فكلما وقع البطل في ورطة نعرف مسبقا كيف سيفكر، مثال مشهد الحوت، لم يكن في المستوى، كذلك بالنسبة لمشهد اختطاف الابن إسحاق، لم يكن موفقا”، مضيفا “وهنا يجب أن نستحضر أن المشاهد ليس بليدا، يجب دائما أن نعطي الفرصة ومهلة التفكير للمشاهد حين يشاهد الأعمال الدرامية، كي يتفاعل مع السلسة”.
يقول: “كانت هناك أدوار مهمة كان ممكن أن تعطي دفعة قوية للموسم الثاني كزعيم المافيا’ أداشي’، المخرج اختار وجه فكاهي ومعرف، ربما الوقت الذي أعطي ل’باسو’ يفتقر لإدارة الممثل، ربما ‘ باسو’ شخص بطريقته أو ارتجل في التشخيص لضعف الوقت ربما لارتباطه بالالتزامات أخرى، للأسف لم يتم تطوير شخصية ‘أداشي’ رغم دوره المهم في الموسم الثاني، كان على الكاتب في بناء شخصيات العصابات واللصوص أن يشتغل عليها بشكل قوي، ربما القاضي الذي يجسده ‘ابراهيم أسلي’ ،الذي أصبح من قطاع الطرق استطاع شيئا ما أن يبين لنا ولكن لم تعطى له الفرصة أكثر، وحتى دور ‘برداوز’ لحدود الساعة لا بأس به، ولكن كان من المفروض في الكتابة أن نفكر في هذه الشخصيات لأنها ستعطي دفعة قوية للمسلسل”.
يضيف: ” ‘أداشيّ’ وكل الأجواء المحيطة بعالمه وبعالم قطاع الطرق كان ضعيفا جدا وغير مقنع، حين نرى الدخول للمقر الرئيسي ‘لأداشي’ نرى الجيوش يتدربن بطريقة بسيطة تفتقر لجو من الإثارة و الحضور القوي، وكما نعلم أن لقطاع الطرق بنية جسمانية وحضور قوي، اللباس كان سيساهم في إبراز معالم هذه الشخصيتان ثم أيضا الحاكم وابنته غير مقنعين على مستوى التشخيص.”
وتابع قائلا: “أنا لا أقلل من شأن أحد ولكن الساحة الفنية تزخر بمجموعة من الفنانين وممثلين بارعين، وابنة الحاكم استطاعت أن تجسد الشخصية شيئا ما ولكن الأداء غير مقنع”.
وأضاف: ” كل الممثلات اللواتي لعبن دور المرأة في السلسة كن لحد كبير تزعجن المتلقي، فمثلا الفنانة ‘فاطمة بوشان’،و التي أكن لها كل الاحترام، لم يتم استغلال طاقتها ولا قوتها الفنية، خصوصا وأنها تتحدث بلكنة “الغاء” –نيغاك- هي امرأة كبيرة السن وخلفية اسمها تعطيها الوقار والحكمة والتجربة ، وكل الأدوار النسائية الأخرى لم يظهروا وهذا دور كاتب السيناريو، الذي من المفروض أن يفكر في شخصياته أثناء الكتابة ، ربما كاتب السيناريو، ‘أحمد نتاما ‘ أعطى حيز زمني ومشاهد قوية لنفسه، حتى أصبحنا نمل من شخصية بابا علي، البطل في الموسم الثاني”.
وتابع: “في التاريخ الامازيغي، للنساء دور كبير مثلا الملكة ديهيا، وكذلك في عهد يوسف ابن تاشفين، كان لزينب دو رمهم في حكمه. وفي كل الأسر الامازيغية، كانت المرأة تلعب دور مهم، فالمرأة كانت تقوم بالزراعة و الفلاحة كما ساهمت في المقاومة، وهذه الأشياء كلها مع الأسف لم تكن حاضرة في المسلسل”.
يقول: “الملكة الأمازيغية، تتمتع بالقوة وكلامها مسموع ولكن في هذه السلسة تبين لنا عكس ذلك، أنها لا تستطيع أن تحكم وأن ابنة الحاكم لا تستطيع أن تحكم بين الناس، كالمشهد حين تمت السرقة ولم تستطيع أن تعرف السارق فنادت بابا علي، هذه أمور تافهة، والمسلسل يكرس أن المرأة ناقصة دين وعقل، بمعنى أن المرأة لا تستطيع لا أن تحكم ولا أن تصبح قاضية”.
وتابع” فكرة المسلسل جيدة، ومن الجميل أن نقتبس من الأعمال الأخرى كشخصية علي بابا الأسطورية، ولكن تجربة كاتب السيناريو لم تسمح له أن يذهب بعيدا في أفكاره و خياله، وأن يسافر بنا بقصة مستوحاة من التراث العالمي، ولكن بحس أمازيغي، فالامازيغية ليست مرتبطة فقط بالقرية، هي نمط حياة ونمط تفكير”.
واختتم بالقول ” يجب أن نتعلم ونستفيد من الانتقادات، وأنوه أن كتابة السيناريو يجب أن يعطى للمتخصصين فيه،
‘احماد نتما’ ممثل بارع ، كان سيعطي أكثر لو تم الاستعانة بكتاب سيناريو في المستوى، من حجم الحسين مرابح، عبد النبي دحاي،عبد الله المناني. لوتم الاشتغال معهم كانوا سيعطو دفعة قوية لسلسلة بابا علي، وإذا كانت هناك احتمالية لموسم ثالث، فيجب عليهم إعادة النظر، خصوصا في خلية الكتابة وان يستحضروا كتاب سيناريو حقيقيين”.