الدكتور مريد الكلاب *
التفاؤل والتشاؤم سلوكيات مؤثرة في حياة البشر، وحياة من يعيش معهم، فهناك الكثير من الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من التشاؤم، يؤثرون سلباً على من يعيش معهم، سواء كانوا أزواجا أو أبناء أو والدين، حيث يسببون اضطرابات نفسية، وجسمانية مع هؤلاء الذين يعيشون معهم، والشخص المتشائم يعيش أقصر من الشخص المتفائل، وكذلك إن الشخص المتفائل يعطي حيوية ونشاطاً لمن يحيطون به.
في جامعة ستانفورد الأمريكية يقوم فريق من الباحثين بدراسة حول هذه الموضوع ويرى هذا الفريق الطبي الذي يرأسه الدكتور جون جابريلي بأن ثمة فروقات عضوية بين دماغ الشخص المتفائل والشخص المتشائم يمكن أن تظهر في الفحوصات الإشعاعية وكذلك الأجهزة التي تبين عمل الدماغ.
التفاؤل هو توقع الخير، وهو الكلمة الطيبة تجري على لسان الإنسان.
والتفاؤل كلمة، والكلمة هي الحياة
فالذين يريدون أن يعيشوا حياة طيبة ناجحة سعيدة؛ عليهم أن يُجْرُوا هذا على ألسنتهم، ليكون عادةً لفظية لهم فلا يسأم الواحد منهم أن يردد: أنا مُوفَّق، أنا سعيد.
النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل باللغة وألفاظها الجميلة؛ جاء إلى المدينة وهم يسمُّونها يثرب وهو اسم لا يخلو من إيحاءات سلبية، فسمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم “طابة” أو “طيبة” من الطيب والخير.
وقمّةُ التفاؤل اتصال القلب بالرب جل وتعالى، فالصلاة تفاؤل والذكر تفاؤل؛ لأنه يربط الفاني بالحي الباقي، ولأنه يمنح المرء قدرات واستعدادات وطاقات نفسية لا يملكها أولئك المحبوسون في قفص المادَّة.
الدعاء تفاؤل؛ فإن العبد يدعو ربه فيكمل بذلك الأسباب المادية المتاحة له.
وإني لأدعو اللَّهَ حتى كأنَّما *** أرى بجميلِ الظنّ ما اللَّهُ صانِعُ
حسن الظن بالله تعالى هو قمة التفاؤل؛ حسن الظن فيما يستقبل فيحسن العبد ظنه بربه.
حسن الظن في الحاضر؛ فلا يقرأ الأحداث والأشخاص والمجتمعات قراءةً سلبية قاتمة، وإنما يقرؤها قراءة إيجابية معتدلة تُعنى بالجانب الإيجابي وإبرازه والنظر إليه والحفاوة به بقدر ما تعنى برؤية الجانب السلبي برحمة وإشفاق وسعي وتصحيح.
فالتفاؤل إذن شعور نفسي عميق واعٍ، يوظف الأشياء الجميلة في أنفسنا ومن حولنا توظيفًا إيجابيًّا.
إن الشؤم تراث ضخم في حياة البشرية كلها، ولكل شعب من الشعوب -كما تحكي كتبهم- تاريخ طويل من التشاؤم؛ تشاؤم بالأرقام كما يتشاءم الإنجليز وغيرهم بالرقم ثلاثة عشر، ويستبعدونه حتى في الطائرات وغيرها.
التشاؤم بالحيوانات، كالقطط السود والكلاب السود.. أو غيرها، أو بالنباتات كما كان العرب يتشاءمون بالسفرجل أو بالسوسن، أو بالأشكال كما يتشاءمون بلون السواد، وهذا نوع من العنصرية في الألوان!!
أو كما يتشاءمون من الأعور أو الأعرج.. أو غيرهم.
يتشاءمون من الأحلام التي يرونها في المنام؛ فتسيطر على يقظتهم وتؤثر في نفسياتهم وفي قراراتهم.
يتشاءمون من العقبات والعوائق التي قد تعترض طريقهم؛ فإذا وجد الإنسان مشكلةً في بداية عمله أو دراسته أو حياته الزوجية أو سكنه في المنزل الجديد أو علاقته الشخصية مع فلان أو فلان؛ تشاءم منها وظن أن الطريق كله طريق شائك شاق، ونسب الأمر إلى حسد أو عين أو سحر، وأي خلاص أو سعادة لإنسان يحسُّ بأن الشر ممنوح له ينتظره في كل مكان!
ولو أن هذا الإنسان تدرب على الصبر والأناة وحسن الظن، وأدرك أن من طبع الحياة أنها لا تصفو أبدًا، وأن الذي يحاول الأشياء الجديدة يحتاج إلى صبر وأناة حتى يفهم سرها ويدرك سنتها ويعرف مفاتحها، لوجد أن من الأمر المألوف أن توجد العقبات في بداية الطريق.
إن التفاؤل يعين على تحسين الصحة العقلية؛ فالمتفائل يرى الأشياء جميلة يرى الأشياء كما هي؛ فيفكر باعتدال ويبحث عن الحلول ويحصد الأرباح والمكاسب، بعيدًا عن سيطرة الوهم والخوف والتشاؤم.
يعين على تحسين الصحة النفسية؛ فالمتفائل سعيد يأكل ويشرب وينام ويستمتع ويسافر ويشاهد ويسمع ويبتسم ويضحك ويجدّ دون أن يمنعه من ذلك شعور عابر من الخوف أو التشاؤم.
التفاؤل يعين على تحسين الصحة البدنية؛ فإن النفس تؤثر على الجسد، وربما أصبح الإنسان عليلاً من غير علة، ويا لها من علة؛ أن تكون النفس مسكونةً بهواجس القلق والتشاؤم وتوقُّع الأسوأ في كل حال.
المتفائل يعيش مدةً أطول، وقد أثبتت الدراسات أن المُعَمَّرين عادةً هم المتفائلون في حياتهم، وفي نادٍ أقيم في كوبا حضره عدد من المُعَمَّرين الذين تجاوزت أعمارهم مائة وعشرين سنة، تبيَّن أن هؤلاء جميعًا تلقوا الحياة بقدر من التفاؤل.
التفاؤل يقاوم المرض، وقد ثبت طبيًّا أيضًا أن الذين يعيشون تفاؤلاً هم أقدر من غيرهم على تجاوز الأمراض وحتى الأمراض الخطيرة، فلديهم قدرة غريبة على تجاوزها والاستجابة لمحاولات الشفاء.
المتفائل يسيطر على نفسه ويشارك في صناعة مستقبله بشكل فعَّال وكفء؛ فهو يؤمن بالأسباب ويؤمن بالحلول، كما يؤمن بالمشكلات والعوائق.
المتفائل ليس أعمى ولا واهمًا يعيش في الأحلام، وإنما هو واقعيٌ؛ يدرك أن الحياة -بقدر ما فيها من المشكلات- يوجد إلى جوارها الحلول، وبقدر العقبات فهناك الهمم القوية التي تحوِّل أبدًا المشكلة والأزمة إلى فرصة جميلة.
المتفائل ينجح في العمل؛ لأنه يستقبله بنفس راضية وصبر ودأب، ويعتبر أنه في مقام اختبار، وهو مُصِرّ على النجاح.
وينجح في التجارة؛ لأنه يستقبل مشاريعه ومحاولاته برضا وثقة وطمأنينة، ويحسب خطواته بشكل جيد.
ينجح بالزواج؛ لأن لديه القابلية الكبيرة على الاندماج مع الطرف الآخر والتفاهم وحسن التعامل، والاستعداد للاعتذار عند الخطأ، والتسامح عند خطأ الطرف الآخر.
ينجح في الحياة؛ لأنه يعتبر أن الحياة بصعوباتها هي فرصة للنجاح، وإثبات الذات، وتحقيق السعادة
* خبير دولي في تعلم مهارات الحياة
- الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من التدبير إلى التغيير في ملف الصحراء
- هكذا نجحت المصالح الامنية في فك لغز تحويل مالي مقرصن بين طنجة وانزكان
- نصف طن من النفحة كانت في طريقها للتوزيع بأكادير لولا تدخل رجال الامن
- تفاصيل اعتقال الأمن الوطني بطنجة لأهم المطلوبين في البرتغال.
- مصالح الأمن بأكادير تنجح في حجز أزيد من نصف كيلو من الكوكايين
- لشبونة.. إصدار مغربي برتغالي مشترك لطابعين بريديين تخليدا للذكرى الـ 250 لمعاهدة السلام بين البلدين
- التوقيع على بروتوكول و إتفاقية شراكة بين مديرية الأمن الوطني وبنك المغرب
- وهبي يخضع لضغط نقابة العدل و يستجيب لمطالب كتاب الضبط
- فرار محام إلى الخارج بعد استيلائه على ساعة روليكس تزيد قيمتها عن 50 مليون
- إعلان توقف مؤقت لنظام تعبئة العدادات الكهربائية