بعد حسم المجلس الحكومي الاخير تواريخ الاستحقاقات الانتخابية لسنة2021،ستنطلق شرارة حروب قيامة الانتخابات بين الاحزاب السياسية في ما بينها من جهة ، وبين الاحزاب والداخلية من جهة اخرى،خصوصا وان القوانين التنظيمية المؤطرة للاستحقاقات المقبلة عرفت صراعات حادة حسمت في بعض مشاريعها المحكمة الدستورية.اضافة الى تنظيم هذه الانتخابات في سياق استثنائي مأزوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا ووبائيا فقدت فيه النخب والمؤسسات هيبتها ووقارها.
1-سياق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بين البؤس السياسي والجائحة الوبائية: تنظم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في سياق تهمين عليه شعبوية سياسية مدمرة، وبؤس سياسي حاد، واتهامات خطيرة بين زعماء الاحزاب السياسية في خرق سافر لمضامين الخطابات الملكية ولأخلاقيات العمل السياسي، غير مبالين بتحديات سياق هذه الانتخابات الموسوم بتحولات جيو-سياسية كبرى وطنيا واقليميا وقاريا ودوليا، وبأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية حادة فرضتها جائحة كورونا .
أزمة تنذر بامكانية عودة المال الحرام- بقوة- الى هذه الانتخابات وبشكل غير مسبوق، وبامكانية استغلال ”سماسرة الانتخابات ” فقر وحاجة المواطنين لتحويل هاته الانتخابات لسوق فساد انتخابي يفوز فيه من سيدفع اكثر .
لذلك، من المنتظر ان تكون الاستحقاقات الانتخابية المقبلة من أفسد الانتخابات في تاريخ المغرب، اذا لم تنهج الدولة منهجية استباقية لحمايتها من آفة الفساد ،وبمعاقبة الاحزاب التي تزكي المرشحين الفاسدين خصوصا بعد مراهنة كل زعماء الاحزاب على “لعبة الكبار او الكائنات الانتخابية المحترفة واصحاب المال”،الذين حولوا الأحزاب إلى مكاتب توثيق لتحرير عقود ”زواج المتعة” او” زواج المصلحة” بين زعماء الاحزاب واصحاب المال ضد مناضلي الاحزاب وخرقا للقانون التنظيمي للاحزاب ولانظمتها الداخلية.
2-تغيير ايام اقتراع الاستحقاقات المقبلة : اول ما يثير في تواريخ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة هو تغيير يوم الاقتراع من يوم الجمعة الى يومي الثلاثاء والاربعاء.الثلاثاء بالنسبة لاقتراع مجالس الاقاليم والعمالات ومجلس المستشارين، والاربعاء بالنسبة لانتخاب مجالس الجماعات الترابية والمقاطعات ومجالس الجهات ومجلس النواب ، وهو ما يعني ان وزارة الداخلية قامت بتغيير يوم الاقتراع الذي كان يوم الجمعة الى يوم الاربعاء والثلاثاء باستثناء اقتراع الغرفة الفلاحية وغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري الذي بقي يوم الجمعة .
وحسب المهتمين فتغيير يوم الاقتراع من يوم الجمعة الى يوم الاربعاء لم يكن اعتباطا، بل له عدة دلالات سياسية موجهة خصوصا الى حزب العدالة والتنمية الذي يوظف المقدس في السياسة، وعليه، فلاول مرة سيصوت المغاربة في الاستحقاقات الانتخابية يوم الاربعاء بدل يوم الجمعة والذي يمكن ان يكون في صالح المشاركة الشعبية.
3-يوم واحد لاجراء اقتراع مجالس الجماعات والمقاطعات ومجالس الجهات ومجلس النواب: حددت وزارة الداخلية يوم الاربعاء 8 شتنبر 2021 يوم اقتراع مجالس الجماعات والمقاطعات ومجلس النواب وهي فكرة جيدة، لكن يمكن ان تكون ايجابية كما قد تكون سلبية حسب تدبير الدولة والاحزاب لهذا القرار لاسباب متعددة منها:
سيكون اقل تكلفة ماديا ولوجستيكيا بالنسة للدولة وللاحزاب السياسية لانها عملية ترشيد.
سيتطلب من الاحزاب والدولة بذل مجهودات كثيرة بكيفية ممنهجة وذكية
ضرورة القيام بحملات مكثفة توعوية وتحسيسية وتفسيرية للمواطن ليصوت بطريقة سليمة
اعفاء المواطن من التصويت ثلاث مرات او الذهاب لصناديق الاقتراع ثلاث مرات ، مرة للتصويت على اقتراع مجالس الجماعات والمقاطعا ومرة ثانية على مجالس الجهات، ومرة ثالثة على مجلس النواب.
يمكن ان يكون هذا الخيار ايجابيا اذاكانت المشاركة الشعبية يوم الاقتراع مكثفة، كما يكمن ان يكون كارثيا اذا كانت المشاركة ضعيفة.
4-القاسم الانتخابي على أساس المقيدين سيكون حاسما: المصادقة على التصويت بالقاسم الانتخابي على اساس المقيدين سيكون حاسما في نسبة المشاركة الشعبية اولا، والتقليص من عدد المقاعد بالنسبة لحزبي العدالة والتنمية والاصالة والمعاصرة ثانيا، ومشاركة الاحزاب الصغرى في المجالس ثالثا ان على مستوى مجالس الجماعات والمقاطعات او مجالس الجهات او مجلس النواب.
لكن يمكن ان يكون اعتماد القاسم الانتخابي على اساس المقيدين بدل المصوتين انعكاسات سلبية مفادها بلقنة هذه المجالس خصوصا بالنسبة لتشكيل الاغلبية الحكومية للحزب المحتل المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية .
6-اجراء انتخاب المجالس في يوم واحد سيضع وزارة الداخلية امام تحدي كبير: اجراء الاستحقاقات الانتخابية لمجالس الجماعات والمقاطعات ومجالس الجهات ومجلس النواب سيفرض على وزارة الداخلية القيام بثورة كبرى وحقيقية داخل هياكلها وأجهزتها ان على المستوى المادي اوالبشري اواللوجسيتيكي اوالتدبيري اوالتقني لتنظيم هذه الانتخابات في ظروف ديمقراطية وشفافة ، خصوصا واننا امام اجندة انتخابية مكثقة نقدمها على الشكل التالي:
1- بدء من العملية الانتخابية للغرفة الفلاحية وغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري التي سينطلق ايداع التصريحات بالترشيح فيها من الجمعة 23 الى الثلاثاء 27 يوليوز 2021.الحملة الانتخابية من يوم الاربعاء 28 يوليوز الى الخميس 5 غشت 2021 منتصف الليل. تاريخ الاقتراع يوم الجمعة 6 غشت2021 الى الاعلان عن النتائج النهائية .
2-اما العملية الانتخابية المتعلقة بمجالس الجماعات والمقاطعات ومجلس الجهات ومجلس النواب سينطلق ايداع التصريحات بالترشيح فيها من الاثنين 16 غشت الى الاربعاء 25 غشت 2021 منتصف النهار زوالا. الحملة الانتخابية من الخميس 26 غشت الى الثلاثاء 7 شتنبر 2021 منتصف الليل . تاريخ الاقتراع يوم الاربعاء 8 شتنبر2021 الى اعلان النتائج النهائية للاقتراع .
3- اما العملية الانتخابية المتعلقة بمجالس الاقاليم والعمالات التي ستعرف انطلاق ايداع التصريحات بالترشيح فيها من يوم السبت 11 شتنبر الى الاثنين 13 شتنبر2021 الساعة منتصف النهار زوالا. الحملة الانتخابية من الثلاثاء 14 شتنبر الى الاثنين 20 شتنبر 2021 منتصف الليل.
تاريخ الاقتراع الثلاثاء 21 شتنبر 2021 الى اعلان النتائج النهائية .
4-اما العملية المتعلقة بانتخاب مجلس المستشارين فستنطلق العملية الانتخابية من ايداع التصريحات بالترشيح من الجمعة 24 شتنبر الى27 شتنبر 2021 منتصف النهار. الحملة الانتخابية من يوم الثلاثاء 28 شتنبر الى 4 اكتوبر 2021 منصف الليل. يوم الاقتراع 5 اكتوبر 2021 الى اعطاء النتائج النهائية.
اذا سيكون المغرب مع موعد انتخابي مكثف ،بذلت الدولة فيه مجهودات جبارة في اخراج ترسانة من القوانين المؤطرة للانتخابات المقبلة وكانت في الموعد.لكن المشكل العويص في المعادلة الانتخابية يبقى الاحزاب السياسية التي يظهر انها ما زالت تنتظر الاشارات بدل اتخاذ المبادرات ،وما زالت تنظر الى الانتخابات كعملية قانونية او تقنية، وليست عملية سياسية بحاجة لارادة سياسية قوية من طرف الدولة والاحزاب ذاتها والمواطن .صحيح الترسانة القانونية تحدد معالم العملية الانتخابية ، لكن ما يفرغها من محتواها الديمقراطي هو غياب الارادة السياسية عند الدولة،وعدم التزام الاحزاب السياسية بتوفيرالمناخ السليم لاجرائها، وعدم اكتراث المواطن بجدواها .
وعليه ينتظر كل المغاربة ان نعيش عرسا ديمقراطيا في الاستحقاقات المقبلة الرابح فيه اولا واخيرا الوطن، وليس هذا الحزب وذاك في سياق صعب ودقيق بحاجة الى مؤسسات قوية ونخب مؤهلة لاعادة بناء مغرب ما بعد كورونا.