يُعد إقليم اشتوكة آيت باها فلاحيا بامتياز، إذ تعتمد نحو 90 في المائة من ساكنته في نشاطها على الفلاحة، التي تمتدّ على مساحة تزيد عن 230 ألف هكتار من الأراضي الخصبة. كما ساهم مناخ المنطقة، وتوفر الموارد المائية (سد يوسف ابن تاشفين، آبار)، في جلب استثمارات مهمة، ارتكزت على الفلاحة العصرية، وبوأت الإقليم الصدارة من حيث إنتاج وتصدير الخضر والبواكر.
دينامية فلاحية واقتصادية باشتوكة آيت باها استوجبت منذ نحو عقدين الزمن تفكيرا في آليات تصريف ذلك الكم الهائل من المنتوج الفلاحي في ظروف جيدة تواكب التطور العصري والتكنولوجي الذي يشهده مجال التسويق عبر العالم، فكان مشروع إحداث سوق الخضر والبواكر بالجملة في منطقة تُعدّ القلب النابض بإقليم اشتوكة آيت باها، على الطريق الوطنية رقم 1، التي تُعتبر همزة وصل بين شمال المغرب وجنوبه وعدد من الدول الإفريقية، بالإضافة إلى قربه من مركز جهة سوس وأبرز بنياتها، كالمطار الدولي أكادير المسيرة وغيره.
سنة 1996 خرجت إلى حيّز الوجود “بورصة الخضر والبواكر” باشتوكة، بعدما حالت المُعيقات القانونية دون تسميتها سوق الخضر والبواكر بالجملة، كفضاء تجاري لتسويق المنتجات الفلاحية، يضع حدّا لمعاناة الفلاحين على اختلاف أصنافهم من قلة الأسواق المركزية بالجهة، وما تُعانيه تلك الموجودة من غياب لأبسط ظروف الاستقبال (إنزكان نموذجا). بالإضافة إلى كون البورصة، وفقا لواضعي هندستها، تستجيب لمعايير حديثة يجري العمل بها في كثير من الدول الأوروبية، لكن المشروع أُجهض قبل ميلاده، فتحوّل إلى أطلال تُرثي فشل كل المسؤولين وعجزهم عن إخراجه إلى حيز الوجود، أو تنزيل بدائل تُزيح مصدر “البلوكاج” الذي جثم عليه لأزيد من 20 سنة.
فعلى مساحة إجمالية نُناهز 17 هكتارا، شيّدت هذه المعلمة الاقتصادية “بورصة الخضر والبواكر” باشتوكة، والتي قُسمت إلى 286 بقعة مخصصة لبناء محلات تجارية، بالإضافة إلى إحداث عدة مرافق، ضمنها مقاه وفندق ومحطة للوقود، ومستودعات تبريد وتخزين، وإنجاز كل التجهيزات الأساسية، من تطهير وإنارة وماء وهاتف وإدارة وطرق داخلية وغيرها؛ وكل ذلك من طرف مجموعة الجماعات “المستقبل”، التي تتكوّن من ست جماعات بسهل اشتوكة، هي بيوكرى، واد الصفا، سيدي بيبي، بلفاع، إنشادن وآيت اعميرة التي يوجد المشروع في نفوذها الترابي.
عبد الله حيدا، رئيس مجموعة الجماعات “المستقبل”، أوضح في تصريح لهسبريس أن المجموعة أُسّست بموجب المرسوم رقم 66 الصادر عن وزير الداخلية بتاريخ 25 يناير 1995، وزاد: “منذ انتخابي على رأس المجموعة منذ حوالي سنتين تم عقد عدة اجتماعات ولقاءات، الهدف منها وضع خطة عمل إجرائية من أجل حل مشكل البورصة، بعد رصد الواقع الحالي لهذه المعلمة الاقتصادية، وإعادة تأهيل مرافقها، رغم الصعوبات المالية. كما تأسست جمعية للمنتجين، التي عبّرت رغبتها الأكيدة في الاستفادة من هذا المشروع”.
وعن العوامل المُعيقة لعمل البورصة رغم مرور أزيد من عقدين من الزمن، أبرز المتحدّث أن “المستفيدين من المحلات التجارية يُعدّون مفتاح حل هذا التعثر، من خلال تجديد مكتب جمعيتهم، وتسوية وضعية محلاتهم، إذ يُعدّ الملاك بمعية الفلاحين المنتجين الأطراف الوحيدة التي يمكن أن تضخ دماء جديدة في شرايين هذا المرفق الاقتصادي، وبالتالي تحريك عجلة انطلاقه، وإنقاذه من الموت السريري، بعد دخوله غرفة العناية المركّزة منذ ميلاده، وعمره الآن 21 سنة”.
وفي وقت نفى رئيس مجموعة الجماعات “المستقبل” وجود لوبيات تقف سدّا منيعا وراء عرقلة كل المحاولات لفتح البورصة لأبوابها في وجه الحركة التجارية الفلاحية بالمنطقة، اعتبر عمر أعراب، وهو رئيس تعاونية فلاحية وفاعل جمعوي، أن أطرافا، لم يُسمها، “حالت دون استمرار فتح السوق، إذ كانت محاولات لعرض الفلاحين لمنتجاتهم، وهي الخطوة التي لم تدم طويلا، فعادت الحالة إلى جمودها السابق، بعد تدخلات تجار لثني المنتجين عن الالتحاق بالبورصة”.
ومن وجهة نظر المتحدّث فإن مكمن التعثر منذ بداية تشييد البورصة يتجلى في كون “واضعي المشروع لم يأخذوا بعين الاعتبار مهنيّي القطاع من الفلاحين والتجار، إذ كان التهافت على المحلات التجارية من طرف أشخاص من كل المناطق المغربية، وأغلبهم لا تربطهم بالقطاع أي صلة، فبُنيت المحلات وأُغلقت، وحتى عناوين مالكيها غير متوفرة من أجل التواصل معهم حول سيبل وبدائل لإيجاد صيغ من التنازل أو تفويت تلك المحلات للمهنيّين الفلاحيين”.
أما علي البرهيشي، رئيس الجماعة الترابية لآيت اعميرة، فقال ضمن تصريح لهسبريس: “ترافعنا كثيرا على المشروع، بحكم الآمال المعلقة عليه كقاطرة للتنمية على صعيد اشتوكة آيت باها، لكنه امتص ميزانية ضخمة، وأضحى اليوم أطلالا، وفي حالة تدعو للحسرة والأسف، وتخدش صورة الإقليم..طالبنا أمام استمرار هذه الوضعية بتفويته إلى الجماعة لاستثماره كقطب تجاري مثلا، وفي جانب آخر، نسعى جاهدين، بتنسيق مع مجموعة الجماعات، إلى إخراج المشروع من عنق الزجاجة”.
وأرجع المسؤول الجماعي بدوره هذا الفشل إلى طبيعة الفئة المستفيدة من محلاته، وإلى تنافس اقتصادي بين مناطق قريبة بسوس، قد تتضرّر من وجود الحياة في البورصة.
هو إذن مشروع ضخم، كان يُعول عليه لإنعاش حركة الرواج التجاري باشتوكة وبسوس عامة. كما خُطّط لهذا الفضاء الاقتصادي والتسويقي أن يربط شمال المغرب بجنوبه، وينفذ إلى دول إفريقية، في إطار توجّه المغرب إلى التأكيد على الارتباط الوثيق بعمقه الإفريقي، لكن لا شيء من ذلك تحقّق، إذ بقي حل هذا الملف العالق غصة في حلق كل الولاة والعمال الذين تعاقبوا على ولاية جهة سوس وعمالة اشتوكة آيت باها، والذين فشلوا فشلا ذريعا في الوصول إلى مخرجات الحل النهائي للفضاء، فبقي أطلالا ترثي فشل مدبّري الشأن العام بالمنطقة.
دينامية فلاحية واقتصادية باشتوكة آيت باها استوجبت منذ نحو عقدين الزمن تفكيرا في آليات تصريف ذلك الكم الهائل من المنتوج الفلاحي في ظروف جيدة تواكب التطور العصري والتكنولوجي الذي يشهده مجال التسويق عبر العالم، فكان مشروع إحداث سوق الخضر والبواكر بالجملة في منطقة تُعدّ القلب النابض بإقليم اشتوكة آيت باها، على الطريق الوطنية رقم 1، التي تُعتبر همزة وصل بين شمال المغرب وجنوبه وعدد من الدول الإفريقية، بالإضافة إلى قربه من مركز جهة سوس وأبرز بنياتها، كالمطار الدولي أكادير المسيرة وغيره.
سنة 1996 خرجت إلى حيّز الوجود “بورصة الخضر والبواكر” باشتوكة، بعدما حالت المُعيقات القانونية دون تسميتها سوق الخضر والبواكر بالجملة، كفضاء تجاري لتسويق المنتجات الفلاحية، يضع حدّا لمعاناة الفلاحين على اختلاف أصنافهم من قلة الأسواق المركزية بالجهة، وما تُعانيه تلك الموجودة من غياب لأبسط ظروف الاستقبال (إنزكان نموذجا). بالإضافة إلى كون البورصة، وفقا لواضعي هندستها، تستجيب لمعايير حديثة يجري العمل بها في كثير من الدول الأوروبية، لكن المشروع أُجهض قبل ميلاده، فتحوّل إلى أطلال تُرثي فشل كل المسؤولين وعجزهم عن إخراجه إلى حيز الوجود، أو تنزيل بدائل تُزيح مصدر “البلوكاج” الذي جثم عليه لأزيد من 20 سنة.
فعلى مساحة إجمالية نُناهز 17 هكتارا، شيّدت هذه المعلمة الاقتصادية “بورصة الخضر والبواكر” باشتوكة، والتي قُسمت إلى 286 بقعة مخصصة لبناء محلات تجارية، بالإضافة إلى إحداث عدة مرافق، ضمنها مقاه وفندق ومحطة للوقود، ومستودعات تبريد وتخزين، وإنجاز كل التجهيزات الأساسية، من تطهير وإنارة وماء وهاتف وإدارة وطرق داخلية وغيرها؛ وكل ذلك من طرف مجموعة الجماعات “المستقبل”، التي تتكوّن من ست جماعات بسهل اشتوكة، هي بيوكرى، واد الصفا، سيدي بيبي، بلفاع، إنشادن وآيت اعميرة التي يوجد المشروع في نفوذها الترابي.
عبد الله حيدا، رئيس مجموعة الجماعات “المستقبل”، أوضح في تصريح لهسبريس أن المجموعة أُسّست بموجب المرسوم رقم 66 الصادر عن وزير الداخلية بتاريخ 25 يناير 1995، وزاد: “منذ انتخابي على رأس المجموعة منذ حوالي سنتين تم عقد عدة اجتماعات ولقاءات، الهدف منها وضع خطة عمل إجرائية من أجل حل مشكل البورصة، بعد رصد الواقع الحالي لهذه المعلمة الاقتصادية، وإعادة تأهيل مرافقها، رغم الصعوبات المالية. كما تأسست جمعية للمنتجين، التي عبّرت رغبتها الأكيدة في الاستفادة من هذا المشروع”.
وعن العوامل المُعيقة لعمل البورصة رغم مرور أزيد من عقدين من الزمن، أبرز المتحدّث أن “المستفيدين من المحلات التجارية يُعدّون مفتاح حل هذا التعثر، من خلال تجديد مكتب جمعيتهم، وتسوية وضعية محلاتهم، إذ يُعدّ الملاك بمعية الفلاحين المنتجين الأطراف الوحيدة التي يمكن أن تضخ دماء جديدة في شرايين هذا المرفق الاقتصادي، وبالتالي تحريك عجلة انطلاقه، وإنقاذه من الموت السريري، بعد دخوله غرفة العناية المركّزة منذ ميلاده، وعمره الآن 21 سنة”.
وفي وقت نفى رئيس مجموعة الجماعات “المستقبل” وجود لوبيات تقف سدّا منيعا وراء عرقلة كل المحاولات لفتح البورصة لأبوابها في وجه الحركة التجارية الفلاحية بالمنطقة، اعتبر عمر أعراب، وهو رئيس تعاونية فلاحية وفاعل جمعوي، أن أطرافا، لم يُسمها، “حالت دون استمرار فتح السوق، إذ كانت محاولات لعرض الفلاحين لمنتجاتهم، وهي الخطوة التي لم تدم طويلا، فعادت الحالة إلى جمودها السابق، بعد تدخلات تجار لثني المنتجين عن الالتحاق بالبورصة”.
ومن وجهة نظر المتحدّث فإن مكمن التعثر منذ بداية تشييد البورصة يتجلى في كون “واضعي المشروع لم يأخذوا بعين الاعتبار مهنيّي القطاع من الفلاحين والتجار، إذ كان التهافت على المحلات التجارية من طرف أشخاص من كل المناطق المغربية، وأغلبهم لا تربطهم بالقطاع أي صلة، فبُنيت المحلات وأُغلقت، وحتى عناوين مالكيها غير متوفرة من أجل التواصل معهم حول سيبل وبدائل لإيجاد صيغ من التنازل أو تفويت تلك المحلات للمهنيّين الفلاحيين”.
أما علي البرهيشي، رئيس الجماعة الترابية لآيت اعميرة، فقال ضمن تصريح لهسبريس: “ترافعنا كثيرا على المشروع، بحكم الآمال المعلقة عليه كقاطرة للتنمية على صعيد اشتوكة آيت باها، لكنه امتص ميزانية ضخمة، وأضحى اليوم أطلالا، وفي حالة تدعو للحسرة والأسف، وتخدش صورة الإقليم..طالبنا أمام استمرار هذه الوضعية بتفويته إلى الجماعة لاستثماره كقطب تجاري مثلا، وفي جانب آخر، نسعى جاهدين، بتنسيق مع مجموعة الجماعات، إلى إخراج المشروع من عنق الزجاجة”.
وأرجع المسؤول الجماعي بدوره هذا الفشل إلى طبيعة الفئة المستفيدة من محلاته، وإلى تنافس اقتصادي بين مناطق قريبة بسوس، قد تتضرّر من وجود الحياة في البورصة.
هو إذن مشروع ضخم، كان يُعول عليه لإنعاش حركة الرواج التجاري باشتوكة وبسوس عامة. كما خُطّط لهذا الفضاء الاقتصادي والتسويقي أن يربط شمال المغرب بجنوبه، وينفذ إلى دول إفريقية، في إطار توجّه المغرب إلى التأكيد على الارتباط الوثيق بعمقه الإفريقي، لكن لا شيء من ذلك تحقّق، إذ بقي حل هذا الملف العالق غصة في حلق كل الولاة والعمال الذين تعاقبوا على ولاية جهة سوس وعمالة اشتوكة آيت باها، والذين فشلوا فشلا ذريعا في الوصول إلى مخرجات الحل النهائي للفضاء، فبقي أطلالا ترثي فشل مدبّري الشأن العام بالمنطقة.