يجيب رئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات وعضو لجنة اليقظة، عمر مورو، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء عن تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد على قطاع التجارة، ومدى استمرار تداعياتها خلال الأشهر المقبلة، ومطالب التجار لتجاوز الأزمة، والحاجة إلى وضع استراتيجية شمولية للنهوض بالقطاع.
كيف تقيمون تأثير جائحة كورونا على قطاع التجارة وطنيا؟
أثرت الجائحة على الاقتصاد الوطني عموما، وبشكل خاص على القطاعات الحيوية ومنها التجارة، باستثناء الأنشطة ذات الصلة بالصحة والصيدلة ومواد التنظيف والمواد الغذائية والمنتجات الفلاحية، تأثرت بشكل كبير باقي فروع قطاع التجارة التي شملها قرار الإغلاق خلال فترة الحجر الصحي، تأثير كبير من نتائجه الوضعية التي يعيشها القطاع برمته اليوم.
كنا ننتظر في القانون المالي التعديلي إشارات قوية لدعم القطاع، لكن أصيب التجار بالإحباط، رفعنا مذكرة باسم جامعة غرف التجارة والصناعة والخدمات ضمن لجنة اليقظة، ولم تتم تلبية المطالب. نقدر أن هناك إكراهات كثيرة في هذه الجائحة، لكن كان التجار يأملون في تلبية مطالبهم بالنظر إلى المعاناة التي يعيشونها في صمت، التاجر مناضل وصبور، وهو الآن يواجه إشكالات حقيقية وإكراهات يومية تشكل عبئا ثقيلا، صارت معالجتها ضرورية وأساسية.
قمنا بدراسات قطاعية شملت بعض الجهات خلال فترة الجائحة، لقد كان هناك توقف شبه تام لقطاع التجارة خلال فترة الحجر الصحي بلغت نسبته 90 في المائة، اليوم بعد الشروع في تدابير التخفيف نسجل تراجع حجم الرواج بنسبة تناهز 50 في المائة، وهو ما سيؤثر على رقم معاملات التجار، سواء كانوا أفرادا أو مقاولات.
هل تتوقعون تواصل تداعيات الجائحة على قطاع التجارة خلال الأشهر المقبلة ؟
أولا لا يفوتني الإشادة بجنود الخفاء الذين اشتغلوا على احتواء الجائحة، من السلطات المحلية والأطر الصحية، وأيضا المواطنين الذين انخرطوا بشكل كبير لوقف الجائحة.
من الصعوبة الحديث عن الإكراهات التي قد تواجه قطاع التجارة في سياق دولي يصعب التكهن بمآلاته، لا يمكن الجزم بأن الجائحة ستتوقف في شهر أو خلال ستة أشهر او أكثر في ظل غياب لقاح فعال. لكن نعتقد أنه من الضروري إعادة النظر، من طرف مختلف الأطراف، في تدبير الأزمة. قد يكون الإغلاق ضروريا، لكن نطالب بتخفيف القيود في أي منطقة تبرز فيها فرصة لذلك، أن تتم زيادة عدد ساعات فتح المحلات متى سمح الوضع الوبائي بذلك.
من جهة أخرى، أعتقد أن الوقت حان لكي تعيد الدولة ترتيب الأوليات، هناك قطاعات مهمة وحيوية، وهي ركائز أساسية للاقتصاد الوطني، قطاع التجارة أحد هذه الركائز. نرى ضرورة إصلاحه ومساعدته لكي يضطلع بدوره كاملا في الدورة الاقتصادية، في هذا السياق الذي نتوقع أن تشهد فيه التجارة الدولية تغيرات مهمة وأن تفرض بعض الدول حواجز لحماية اقتصادها، تبرز الحاجة إلى العناية بقطاع التجارة الوطني.
لاحتواء آثار الجائحة، كيف تقيمون التدابير المتخذة، وما هي مطالب التجار؟
قبل الحديث عن ذلك، باعتباري عضوا في لجنة اليقظة، أعتقد أن الدولة قامت بمجهود كبير في تدبير الجائحة، لا سيما عبر دعم التجار المتضررين، بدءا بإحداث صندوق تدبير جائحة كورونا بتعليمات ملكية سامية، والذي مكن المتضررين من الاستفادة من الدعم، سواء كانوا منخرطين في الضمان الاجتماعي أو من القطاع غير المهيكل، والقرار الملكي بإعفاء مكتري محلات الأحباس، وأيضا تأجيل سداد أقساط القروض، وضمان “أوكسيجين” وبرنامج “انطلاقة”.
كانت هناك سلسلة من الإجراءات التي تستحق التنويه في تلك الظرفية، والتي تطلبت ميزانيات ضخمة، لكن لم تتم الاستجابة لبعض المطالب التي نادى بها التجار والمهنيون من داخل لجنة يقظة لحل بعض المشاكل التي تعيق انتعاش القطاع، من بينها إشكالية القرارات الجبائية المحلية ومراجعة المنظومة الضريبية وعدم قدرة ولوج بعض التجار للتمويل البنكي، وهي إكراهات زادت من تضييق الخناق على التجار، إلى جانب انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
كجامعة لغرف التجارة والصناعة والخدمات، رفعنا مذكرة مهمة عبرنا فيها عن متطلبات المهنيين والتجار، كنا ننتظر الاستجابة إليها، لكن تم فقط أخذ بين 10 و 20 في المائة منها، وهي نسبة غير كافية لبلورة احتياجات التاجر المغربي.
ماذا أعدت الغرف لأي إغلاق محتمل إذا تطور الوضع الوبائي إلى الأسوأ؟
أعتقد أننا لن نعود إلى وضع الإغلاق مجددا، الحمد لله أن السلطات تتعامل حسب الوضع في كل جهة ومنطقة على حدة، هناك تدبير حسن للجائحة.
شرعنا في تنظيم تكوينات طيلة فترة الحجر الصحي حول التجارة الالكترونية، استفاد منها عدد مهم من التجار، مازالت الدورات متواصلة لجعل التاجر مؤهلا لمواجهة أي إغلاق مستقبلا، لكننا لا نرى أن الدورات وحدها كافية.
من منظور آخر، نرى أن التجارة تعتبر شأنا عاما وشاملا، على الحكومة اتخاذ إجراءات للحفاظ على الطبقة المتوسطة والحد الأدنى من القدرة الشرائية التي تجعلها تشكل محركا للدورة الاقتصادية، تشجيع الشريحة الوسطى أمر ضروري، دون ذلك سيبقى مشكل التجارة قائما.
يتعين أن نقارب الجائحة من منظور شمولي وليس قطاعي، يتعين احتواء كل الاشكالات التي تهدد الطبقة المتوسطة، وبالتالي قد تؤثر على الدورة الاقتصادية بما فيها التجارة.
شكلت الجائحة مناسبة للوقوف على دور الغرف الجهوية، كيف ترون الإصلاحات الكفيلة بالارتقاء بهذا الدور؟
حرصت الغرف خلال الجائحة على أن تلعب دورا كبيرا عبر الانصات للمهنيين وبلورة مذكرات رفعت للجهات والوزارات الوصية وطنيا، بما فيها لجنة اليقظة، وأيضا الدفاع على مصالح المنتسبين محليا وجهويا.
تعرفون أن دور الغرف استشاري، ونحن نطالب دوما أن يكون لنا دور تقريري، نحن بصدد تعديل بعض النقط بمشروع القانون المنظم للغرف والذي سيناقش خلال الدورة البرلمانية الخريفية.
كما اشتغلت الغرف، قبل الجائحة و خلالها، على إعداد دراسات نمد بها المؤسسات المعنية لإبراز المشاكل التي تعترض المهنيين.
نتواصل خلال هذه المدة مع باقي المهنيين والشركاء لإعداد دراسة حول السيناريوهات الممكنة خلال المرحلة المقبلة للخروج من نفق الأزمة، وحل الإشكاليات المتعلقة بالجائحة. لكننا ننتظر الإعلان عن استراتيجية خاص بالقطاع التجاري، والتي وعدتنا الوزارة الوصية بإخراجها في أقرب وقت، وهي مرحلة مهمة جدا بالنسبة للغرف المهنية الراغبة في المشاركة في تنزيلها على أرض الواقع.