يصف شكيلقيم كامني الأب لطفلين، التدابير المعتمدة من المدارس النمسوية لمكافحة جائحة كوفيد-19 بأنها أشبه بـ”التعذيب النفسي”، وهو اختار التعليم المنزلي لولديه هذا العام على غرار آلاف الأهالي في النمسا.
وتلحظ التدابير الصحية إلزامية خضوع التلامذة لثلاثة فحوص أسبوعيا بينها فحص “بي سي ار” واحد على الأقل، إضافة إلى وضع الكمامة في الأروقة.
ويقول كامني (28 عاما) في تصريحات لوكالة فرانس برس خلال تظاهرة نظمها أخيرا معارضو التلقيح في فيينا “إذا ما أتت نتيجة (فحوص كورونا) إيجابية، يعلم جميع الرفاق في الصف بالأمر ويتعرض الطفل للسخرية من الآخرين”.
هذا الرجل المتحدر من مدينة سالزبورغ غرب النمسا، هو من بين أهل أكثر من 7500 تلميذ يتلقون التعليم في المنزل هذا العام منذ العودة إلى المدارس هذا الشهر. ولا شك في أن الرقم يمثل نسبة ضئيلة من أصل 700 ألف تلميذ مسجل في النمسا، لكنه أعلى بثلاث مرات من عدد هؤلاء في العام الدراسي 2019-2020، وفق إحصاءات وزارة التربية.
ويشغل الموضوع وسائل الإعلام النمسوية منذ أسابيع، كما أن السلطات بدأت مراجعة القواعد لمواكبة أفضل للعائلات التي اختارت الخروج من النظام التعليمي الكلاسيكي.
وتروي أم لثلاثة أطفال تدير مجموعة للتعليم المنزلي عبر فيسبوك “كل يوم، أتلقى اتصالات من عشرة أهال على الأقل”.
وتقول طالبة عدم كشف هويتها “في أغلب الأحيان، تكون هذه الاتصالات من أشخاص قلقين إزاء القيود الصحية في المدرسة”.
وتضيف “هم لا يعلمون ما ينتظرهم. الأمر يتطلب الكثير من العمل”، مشيدة بالميزات والمرونة التي يوفرها هذا النوع من التعليم الذي يتيح تنمية المواهب الفردية لكل تلميذ.
وقررت الممثلة النمسوية إيفا هرتسيغ المعروفة بدورها في مسلسل تلفزيوني بوليسي، اعتماد هذا النمط التعليمي مع أبنائها بمساعدة أهال آخرين ومدر سين.
وهي قالت لوسائل إعلام “أمهات كثيرات يخبرونني بأن الأساتذة يمارسون ضغوطا على التلامذة من أجل تلقي اللقاح”، مضيفة “اضطررت لرسم حدود” من أجل “حماية” أطفالي.
وخلافا لبلدان أوروبية أخرى مثل ألمانيا حيث يحظر القانون سحب التلامذة من المدارس منذ 1919، يكفي إبلاغ السلطات خطيا لإخراج الأبناء من المدرسة.
لكن هذه الظاهرة الجديدة تقلق وزير التربية، خصوصا في ما يتعلق بالتلامذة الأصغر سنا لكونهم ي حرمون التواصل الاجتماعي داخل الصفوف. وقال الوزير هاينز فاسمان في تصريحات أدلى بها أخيرا لوكالة فرانس برس “آمل بأن يكون ذلك مجرد موجة عابرة”.
وبانتظار ذلك، تعتزم السلطات إلزام الأهل المعنيين إجراء مقابلة وإخضاع التلامذة لامتحانين سنويا بدل واحد في نهاية العام حاليا.
وتقول إيفلين كوميتر من الاتحاد الوطني لأهالي التلامذة إن على الحكومة أن تزيد دعمها للأهالي الذين يختارون سحب أطفالهم من المدرسة و”لديهم انطباع بأن آراءهم لا تؤخذ على محمل الجد”.
وتعتبر أن “عدد هؤلاء المتزايد يجب أن يثير قلق المجتمع”.
وفي مدرسة مهنية في فيينا، لا يبدو التلامذة مهتمين بفكرة التعلم المنزلي في ظل سعادتهم بالعودة إلى قاعات التدريس بعد أسابيع إغلاق طويلة العام الماضي بسبب أزمة فيروس كورونا.
ويقول فيليكس ديملر (19 عاما) الذي يتابع تدريبا في الهندسة الكهربائية إن “متابعة حصص التعليم من ب عد كانت أمرا متعبا”.
ويستغل ماركو غوكولي وهو تلميذ آخر يدرس السباكة، من زيارة فريق تطعيم متجول إلى المدرسة لتلقي جرعته الأولى من لقاح كورونا الذي يخو له ارتياد المطاعم والحفلات والمتاحف في النمسا من دون الحاجة إلى الخضوع باستمرار لفحوص “بي سي ار”.
ويوضح الفتى البالغ 16 عاما “أشعر بضغط (لتلقي اللقاح)”، مبديا حماسته لاستعادة “الحرية” المفقودة.